للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما الجواب على الإشكال في هذا الحديث؟]

المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٩/٠٧/١٤٢٦هـ

السؤال

نعلم من الحديث أن موسى -عليه السلام- سأل ربه عن دعاء خاص له ليدعو الله به ويحمده به، فأرشده الله أن يقول:"لا إله إلا الله"، فقال موسى -عليه السلام-: يا رب كل عبادك يقولون لا إله إلا الله، فقال الله: يا موسى لو أن السموات السبع والأرضين السبع وما بينها - غيري - وضعت في كفة ... إلى آخر الحديث.

السؤال عن قوله و: "غيري" فهل هناك حاجة لقولها؟ لأن ذلك يتضمن أن الله -سبحانه- بين السموات والأرض. أرجو توضيح هذا الأمر.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذا الحديث من رواية دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفيه: قال موسى عليه السلام: يا رب علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به ... إلى أن قال: "لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله". وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه (٦٢١٨) والحاكم (١٩٣٦) وصححه ووافقه الذهبي، وأبو يعلى الموصلي في مسنده (١٣٩٣) ، وصححه الحافظ ابن حجر في الفتح (١١/١٧٥) .

ويتبين من هذا الحديث أن ليس فيه "وما بينهما غيري" كما في السؤال وهو منبع الإشكال، فلا يرد إذاً هذا الفهم، وهو كون الله تعالى بين السموات والأرض. وإنما الحديث كما تقدم "لو أن السموات السبع وعامرهن غيري" والمعنى: لو أن السموات السبع ومن فيهن من العُمّار غير الله، والمقصود: ساكنهن؛ فالعامر للشيء هو الذي عُمر به الشيء، وهاهنا فائدة مهمة، وهي أن الله تعالى في السماء كما في هذا الحديث، وفي آية الملك "أأمنتم من في السماء" [الملك:١٦] وحديث الجارية: "أين الله؟ قالت: في السماء" أخرجه مسلم (٥٣٧) . فليس في هذه الأدلة ما يفيد أن الله تقله السماء أو تظله، فهو تعالى غير محتاج إلى السماء أو العرش بل السماء وما فيها والعرش وحملته محتاجون إلى الرب تعالى، وإنما المراد أن الله تعالى في جهة العلو مستوٍ على عرشه بائن من خلقه، لا يقله شيء من خلقه لا السموات ولا العرش ولا الكرسي، ولا يصح - في الأدلة النقلية والعقلية ودلالة الفطرة- غير هذا المعنى، وقد قرره جميع علماء السنة على مر العصور، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>