للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف أغوى أبليس آدم وقد طُرد من الجنة؟!

المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم

عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠٥/٠١/١٤٢٧هـ

السؤال

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه".

السؤال الأول: ما هي هذه الشجرة التي نهى الله -سبحانه وتعالى- آدم وحواء عليهما السلام عن الأكل منها؟

السؤال الثاني: كيف أن الشيطان دخل الجنة، ووسوس لأبينا آدم -عليه السلام- حتى أكل من الشجرة وقد طرد من الجنة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد:

فجواب السؤال الأول: لم يرد في تحديد الشجرة -التي أكل منها أبونا آدم وأمنا حواء -عليهما السلام- نص صحيح من كتاب الله أو سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهما محل الأخذ في الأمور الغيبية والأخبار الغابرة على وجه التحقق، وقد نقل عن بعض أهل الكتاب وبعض المفسرين أقوال منها: أنها العنب، أو التين، أو البر، أو السنبل، أو الحنطة، أو النخل. وللإمام أبي جعفر ابن جرير الطبري -رحمه الله- كلام جميل جدا في هذا حيث قال: والصواب في ذلك أن يقال: إن الله -عز وجل ثناؤه- نهى آدم وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها، فأكلا منها ولا علم عندنا بأي شجرة كانت على التعيين؛ لأن الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك في القرآن، ولا من السنة الصحيحة.....

وذلك عِلْمٌ إذا عُلِمَ لم ينفع العالم به علمه، وإن جهله جاهل لم يضره جهله به. والله أعلم.

أما جواب السؤال الثاني: وهو عن كيفية وسوسة الشيطان لآدم مع أنه خرج من الجنة، فقد ذكر الله -تعالى- في سورة الأعراف أن الشيطان وسوس لأبوينا في الجنة وأنه كلمهما وأغراهما ليأكلا من الشجرة، وسعى أمامهما ليوصلهما إليها. قال تعالى: "فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور ... " [الأعراف:٢٠-٢١] . والله أعلم. وقال ابن عطية -رحمه الله- في المحرر الوجيز: ولا خلاف بين العلماء أن إبليس اللعين هو متولي إغواء آدم، واختلف في الكيفية:

فقال ابن عباس وابن مسعود وجمهور العلماء: أغواهما مشافهة، ودليل ذلك قوله تعالى: {وقاسمهما} ، والمقاسمة ظاهرها المشافهة [ورجحه الطبري] .

وقال بعضهم: إن إبليس لما دخل إلى آدم كلمه في حاله، فقال: يا آدم ما أحسن هذا، لو أن خلدا كان، فوجد إبليس السبيل إلى إغوائه، فقال: {هل أدلك على شجرة الخلد} .

وقال بعضهم: دخل الجنة في فم الحية، وهي ذات أربع كالبختية، بعد أن عرض نفسه على كثير من الحيوان فلم تُدخله إلا الحية، فخرج إليهما وأخذ شيئا من الشجرة، وقال: انظرا ما أحسن هذا فأغواهما حتى أكلا.

وفي التبصرة لابن الجوزي قال السدى: "دخل الشيطان في فم الحية فكلمهما، وقال الحسن: ناداهما من باب الجنة ".

<<  <  ج: ص:  >  >>