للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل يجوز هذا الدعاء؟]

المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي

عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٠/١١/١٤٢٦هـ

السؤال

هل يجوز قول: "اللهم انشلنا من أوحال التوحيد، إلى بحور الوحدة"؟ وهذا وارد في دعاء يدرس في بلدي في الدروس الدينية في المنازل والاجتماعات.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذا دعاء فاسد المعنى باطل المضمون، ولا يقوله إلا جاهل أو مريض بأهواء التصوف الفلسفي المنحرف؛ ذلك أن وصف التوحيد -الذي هو شعار أمة محمد صلى الله عليه وسلم- بالأوحال، عين الغواية والضلال؛ لأن التوحيد هو أساس الملة وقاعدة الديانة وأصل الأصول، وهو دعوة الأنبياء وطريق المرسلين، ولم يعرف التوحيد عند أمة الإسلام إلا أنه (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ، كما في صحيح مسلم (٢٦) باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، وأورد حديث عثمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة". وفي صحيح البخاري (٧٣٧٢) كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، ثم ساق حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: لما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن، قال له: "إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى".

وفي مستدرك الحاكم (٢٠٥١) تسمية النبي -صلى الله عليه وسلم- النطق بالشهادتين توحيداً، فعن حميضة بنت ياسر، عن جدتها يسيرة -رضي الله عنها- وكانت إحدى المهاجرات، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، ولا تغفلن فتنسين التوحيد، واعقدن بالأنامل؛ فإنهن مسؤولات ومستنطقات".

وسمى النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته أمة التوحيد، ففي جامع الترمذي (٢٥٩٧) عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يعذب ناس من أهل التوحيد في النار حتى يكونوا فيها حمما، ثم تدركهم الرحمة فيخرجون ويطرحون على أبواب الجنة.

والأدلة من الآثار في هذا كثيرة كلها تدل على عظم كلمة التوحيد ومكانتها عند كل مسلم يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، ولا عبرة بتأويلات أهل الأهواء إذا قالوا مرادنا بالتوحيد كذا وكذا مما هو مخالف للمراد الشرعي.

ثم في الدعاء المذكور قوله: (بحور الوحدة) ، وهذا هو معتقد فلاسفة المتصوفة الذين جعلوا ضلالة وحدة الوجود عين الإيمان واليقين وهي عين الضلال والانحراف؛ حيث تقوم هذه العقيدة على أن الوجود كله عين واحدة هي الله -تعالى- وأنه لا فرق بين رب وعبد، وهذه ضلالة لم يقلها حتى كفار قريش ولا فرعون ولا إبليس، وهي تقتضي أن تكون الأشياء كلها عين الرب تعالى الله، ومهما قالوا في تأويل الوحدة والاتحاد فإن مصيره إلى هذا الاعتقاد الباطل والخطير على عقيدة صاحبه.

نعوذ بالله من الزيغ والضلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>