للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: أن القوامة بيد الرجل، ومما يدخل في القوامة تقويم سلوك الزوجة، متى أساءت أو نشزت بترفعها عليه، أو غلظتها معه، أو معصيته بما يجب عليها له، فيُقوِّمها بالنصح أولا، وذلك بتذكيرها بحرمة النشوز، ووجوب طاعتها له في غير معصية، مع ذكر الأدلة على ذلك، كحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عليها، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حتى تُصْبِحَ". رواه البخاري (٣٠٦٥) .

فإن لم يُجْدِ ذلك هجر فراشها أو الحديث معها في البيت، ولا يتعدى ذلك خارج البيت، لحديث حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أَن تُطْعِمَهَا إذ طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إذا اكْتَسَيْتَ، أو اكْتَسَبْتَ ولا تَضْرِب الْوَجْهَ، ولا تُقَبِّحْ، ولا تَهْجُرْ إلا في الْبَيْتِ" رواه أحمد (٢٠٠٣٦) وأبو داود (٢١٤٢) والنسائي في الكبرى (١١٤٣١) ، وحسنه النووي في رياض الصالحين (٢٧٧) .

ومدة الهجر لا تزيد على ثلاثة أيام لحديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَن يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ". رواه البخاري (٥٧١٨) ومسلم (٢٥٥٩) .

فإن لم ينفع ذلك معها، جاز له ضربها ضربا غير مبرح بسواك، أو بمنديل ملفوف، لا بسوط، ولا بعصى، أو نحوه -والسواك كما لا يخفى دقيق، وقصير، طوله غالبا طول القلم– (كشاف القناع ٥/٢١٠) عن عطاء قال: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح؟ قال: السواك، وشبهه يضربها به. رواه ابن جرير (٥/٦٨) ، وانظر الدر المنثور (٢/٥٢٣)

ويحرم عليه ضرب الوجه والمقاتل (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [النساء:٣٤] قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "وقوله تعالى: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا) أي إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريده منها مما أباحه الله له منها، فلا سبيل له عليها بعد ذلك، وليس له ضربها ولا هجرانها، وقوله (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب، فإن الله العلي الكبير وليهن وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن " ا. هـ تفسير ابن كثير (١/٤٩٣) .

فإن تلف من الزوجة شيء بسبب الضرب، ضمن ما وقع منه لتبين أنه إتلاف لا إصلاح. شرح زيد بن رسلان (١/٢٥٩) .

ثالثا: يحرم على الزوج ضرب زوجته ظلما بلا سبب، ولو كان الضرب يسيرا، فالظلم ظلمات يوم القيامة، قال ابن جرير -رحمه الله تعالى-: "إنه غير جائز لأحد ضرب أحد من الناس ولا أذاه إلا بالحق، لقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب:٥٨] سواء كان المضروب امرأة وضاربها زوجها، أو كان مملوكا، أو مملوكة، وضاربه مولاه، أو كان صغيرا وضاربه والده، أو وصي والده وصاه عليه " ا. هـ تهذيب الآثار مسند عمر بن الخطاب (١/٤١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>