للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) [البقرة:٢٣١] ، فقد نهى الزوج عن الإضرار بمطلقته فكيف بزوجته.

رابعا: أن يقصد الزوج من ذلك تأديبها، وتقويمها، لا التشفي والانتقام منها.

خامسا: أنه لا يحل له ضربها أكثر من عشر ضربات بحال من الأحوال، لحديث أبي بردة الأنصاري -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا تَجْلِدُوا فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ، إلا في حَدٍّ من حُدُودِ اللَّهِ" رواه البخاري (٦٤٥٨) ومسلم (١٧٠٨) .

سادسا: أن التأديب متى ما كان في الحدود المشروعة آتى أُكُله، ولا يصح تسميته "عنفا أسريا"، أما لو تجاوز الحدود الشرعية فهو محرم شرعا، وسمِّه ما شئت بعد ذلك "عنفا أسريا"، أو غير ذلك.

سابعا: أن الترفع عن الضرب أفضل وأكمل، إبقاءً للمودة. الفروع (٥/٢٥٨) ، المبدع (٧/٢١٥) ، كشاف القناع (٥/٢١٠) .

حتى مع وجود الداعي له، لحال النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ما ضرب خادما، ولا امرأة. قال شريح -رحمه الله تعالى-:

رأيت رجالا يضربون نساءهم *** فشلَّت يميني حين أضرب زينبا

وزينب شمس والنساء كواكب *** إذا طلعت لم تبق منهن كوكبا

تاريخ دمشق (٢٣/٥٢) ، سير أعلام النبلاء (٤/١٠٦) ، الطبقات الكبرى (٦/١٤٣) .

ثامنا: أنه لا يحل للرجل أن يضرب زوجته إن استدعى الأمر ذلك أمام أطفالها، أو غيرهم، لكون ذلك زيادة في التأديب، لم يأذن بها الشارع، وتنجم عن ذلك أمور لا تحمد عقباها.

تاسعا: أرى أنه لا يحل للرجل أن يضرب زوجته في حال الغضب، ولو مع وجود ما يستدعي ضربها، لكونه والحال هذه سيتجاوز الحد المأذون به.

فإن امتثل الزوج ذلك فإنه لا يسأل عن ضربه زوجته، ويحمل عليه حديث عمر -رضي الله عنه-إن صح- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته" رواه أبو داود (٢١٤٧) والنسائي في الكبرى (٩١٦٨) وابن ماجه (١٩٨٦) ، وهو حديث ضعيف، قال ابن المديني -رحمه الله تعالى-: "فإن إسناده مجهول رواه رجل من أهل الكوفة يقال له داود بن عبد الله الأودي، لا أعلم أحدا روى عنه شيئا غير عبد الرحمن المسلي، وهو عندي أبو وبرة المسلي" ا. هـ العلل لابن المديني (١/٩٣) .

أما إذا تعسف الزوج وتجاوز حده في التأديب، فإنه يقتص منه لزوجته، بلا خلاف أعلمه.

ومع الأسف فإن العنف الأسري ليس قاصرا على الزوج بل امتد ليصدر من الزوجة ضد زوجها، وليس بالقليل، فقد سمعت المحامي الكويتي خالد العبد الجليل يقول: إن دراسة في الكويت تثبت أن عشرين في المائة من الزوجات يضربن أزواجهن ضربا مبرحا!!

وهذا غيض من فيض، وإلا فالموضوع بحاجة إلى تحرير وإيضاح، وتفصيل، ومناقشة الشبه التي يطرحها بعض المغرضين.

<<  <  ج: ص:  >  >>