للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التردد بين استفتاء العالِم واستفتاء القلب!

المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني

عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠٤/٠٢/١٤٢٧هـ

السؤال

كيف أفرِّق بين الشك الذي يندرج تحت (استفتِ قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك, والبر ما اطمأن إليه القلب) ، وبين وسوسة الشيطان وارتياب النفس الذي لا عبرة به؟ أرجو إفادتي مأجورين.

الجواب

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذا الحديث في صحيح مسلم (٢٥٥٣) عن النواس بن سمعان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس".

وعن وابصة بن معبد -رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "جئت تسأل عن البر والإثم؟ ". قلت: نعم.

قال: "استفت نفسك، استفت قلبك يا وابصة -ثلاثاً- البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك" رواه أحمد (١٧٥٤٥) ، والدارمي (٢٥٣٣) بإسناد حسن.

ومحل هذا الحديث إذا لم يكن عند المفتي سوى مجرد الظن أو الهوى من غير دليل شرعي وكان المستفتي ممن شُرح صدره للإيمان.

أما إن كان مع المفتي دليل شرعي فالواجب الرجوع إلى هذا الدليل، وإن لم ينشرح له صدر المستفتي.

وهذا كالرخصة الشرعية، مثل الفطر في السفر والمرض وقصر الصلاة وجمعها مما لا ينشرح به صدر كثير من الجهال فهذا لا عبرة به، بل هو من وسوسة الشيطان، أو هوى النفس.

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر أصحابه أحياناً بما لا تنشرح به صدور بعضهم، فيمتنعون -في بادئ الأمر- من قوله فيغضب، كما أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة والتحلل من عمرة الحديبية.

وبالجملة فما ورد فيه نص فليس للمؤمن إلا طاعة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- مع انشراح الصدر والرضا. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>