للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خروج المرأة من بيتها لغير ضرورة]

المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي

عضو البحث العلمي بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠٧/٠٥/١٤٢٧هـ

السؤال

أمر الله تعالى نساء النبي أن يلزمن بيوتهن. قال تعالى: "وقرن في بيوتكن". وفي هذه الأيام تخرج النساء كثيرا من بيوتهن، ويتنزّهْنَ مثل الرجال، والأطفال، وكذلك يخرجن من منازلهن لأسباب غير ضرورية، فهل يمكن أن يقال: إن خروجهن بهذه الصورة معصية لله؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

ففي قوله تعالى في الآية "وقرن" قراءتان متواترتان:

الأولى: بفتح القاف، والثانية بكسرها:

فالكسر من الوقار، والفتح من القرار فيه والمكث، وهما معنيان صحيحان.

ومعنى الآية على ظاهرها: الأمر بالوقار في البيت ولزومه وعدم الخروج.

وجاء حديث في المعنى نفسه يدل على لزوم البيت وعدم الخروج للحج: فقد أخرج أحمد في المسند (٢/٤٧٦) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما حج بنسائه -حجة الوداع- قال: "إنما هي هذه الحجة، ثم الزمن ظهور الحصر". قال محقق المسند في الحديث: إسناده حسن (١٥/٤٧٦-٤٧٧) والحصر: بضم الحاء والصاد جمع حصير، والمراد لزوم البيت.

وفي رواية أخرى لأحمد قال الراوي: فكن يحججن إلا سودة بنت زمعة، وزينب بنت جحش، فإنهما كانتا تقولان: والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وكذا رأت أم سلمة، فكانت تقول: لا يحركني ظهر بعير حتى ألقى النبي -صلى الله عليه وسلم-[فتح الباري (٧/١٠٨) ] .

لكن اختلف أهل العلم في معنى الحديث السابق:

فبعض العلماء فسره: بأن المراد: الحج الواجب مرة في العمر فقط، وليس عليهن حج واجب بعد ذلك.

وبعضهم حمله على النهي عن تكرار الحج لنساء النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد فهم ذلك من أزواجه: سودة بنت زمعة، وزينب بنت جحش، وأم سلمة -رضي الله عنهن- وكذلك فهمه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فمنعهن من الحج أول خلافته، إلا أنه عدل عن هذا في آخرها.

واختلاف أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخروج للحج وعدمه يدل على أن النص غير صريح في النهي، وإلا لما وقع خلاف.

وجاءت أحاديث أخر تبين جواز الخروج من المنزل، وهي بمجموعها تدل على أن معنى الآية: أن الخروج منهي عنه عند عدم الحاجة، وليس النهي عن الخروج مطلقا، أو أن المقصود بها: أن الأمر بترك الخروج للندب والاستحباب، لا للوجوب، ومن هذه الأحاديث:

١- عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها" رواه البخاري (٥٢٣٨) ، ومسلم (٤٤٢) . وفي لفظ عند البخاري (٨٦٥) قال: "إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن"، وفي لفظ عند مسلم: "لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد إذا استأذنوكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>