للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شروط تكفير الحج للذنوب]

المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠١/١٢/١٤٢٦هـ

السؤال

كما نعلم أن الذي يحج تكفَّر عنه جميع ذنوبه، كمن يدخل في الإسلام. لكنني سمعت البعض يقولون: إن من يصر على بعض الذنوب فلا يكفرها الحج، فهل هذا صحيح؟ وما الدليل إن كان صحيحاً؟ وكيف يكون الحج ماحياً للذنوب إذا كان صاحبها يعود إليها، فليس هناك أحد من البشر كاملاً لا ذنب له؟.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فقد وردت النصوص الصحيحة عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أن الحج يكفر ما قبله من الذنوب، فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: " من أتى هذا البيت -وفي لفظ: من حج لله- فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه". صحيح البخاري (١٥٢١) ، وصحيح مسلم (١٣٥٠) . وفي الصحيحين أيضاً: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". صحيح البخاري (١٧٧٣) ، وصحيح مسلم (١٣٤٩) .

وهذه النصوص محمولة عند جماهير أهل العلم على تكفير الصغائر دون الكبائر، أما الكبائر فلا بد فيها من التوبة؛ لأن الصلاة -وهي أعظم شأناً من الحج- لا تقوى على تكفير الكبائر وإنما تكفِّر الصغائر، فمن باب أولى الحج، لأنه جاء في صحيح مسلم (٢٣٣) وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب -وفي رواية: ما لم تغش- الكبائر".

وقد ذكر السائل أن الحج يكفِّر ما قبله، فالمراد بذلك الصغائر، وجاء في صحيح مسلم (١٢١) في مبايعة عمرو بن العاص -رضي الله عنه- عندما أراد أن يشترط، فقال له النبي-صلى الله عليه وسلم-: "تشترط بماذا؟ ". قال: أن يغفر لي. قال: "أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله".

فإذاً هذا التكفير لما تقدم من الذنوب بالحج يشترط في الحج أن يكون مبروراً، وهو الذي سلم من الآثام والمعاصي، فإذا توفر هذا الشرط في الحج فإنه يكفر ما قبله من الذنوب، وإذا عاد العبد إلى هذه الذنوب فإنها تكتب عليه من جديد، والماضي قد حصل التجاوز عنه. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>