للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إقامة الحدود.. وحقوق الإنسان!]

المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي

عضو البحث العلمي بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٩/٠١/١٤٢٧هـ

السؤال

هل تشريع الحدود في الإسلام ينافي حقوق الإنسان؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالإسلام نظام شامل، كامل، متوازن، ذو أساس عقدي، وتشريع اجتماعي، وتوجيه تربوي، يرفد بعضه بعضاً، وينتج بمجموعه مجتمعاً صالحاً، تتسع فيه دواعي الخير والبناء، وتضيق فيه مجاري الشر والهوى. وهو بذلك يفارق الكهنوت الكنسي الذي يقصر مفهوم الدين على طقوس معينة، وفي وقت معين، وفي موضع معين، ويفصل بين ما هو ديني، وزمني، ويدع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله!

إن تحقق العبودية لله في الإسلام يكون بالإيمان بالكتاب كله، وعدم تجزئة الدين بالإيمان ببعض الكتاب، والكفر ببعض، قال تعالى: "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعضٍ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون" [البقرة: من الآية٨٥] ، وبالتالي فإن قضية الحدود والتعزيرات ليست محلاً للبحث والنقاش ابتداء؛ إذ هي جزء من الإيمان بحكمة الخالق، وعلمه بمن خلق، قال تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً" [النساء: ٦٥] .

إن حقوق الإنسان لا تصان على حساب أخيه الإنسان، وإنما تصان بإحدى طريقتين:

إما بوازع الإيمان، وإما برادع السلطان.

وقد أثبتت التجارب البشرية والقوانين الوضعية، المنفلتة عن هدي الله عجزاً وقصوراً عن حفظ كرامة الإنسان، وحمايته من الفساد والإفساد، كما تنطق بذلك إحصاءات معدلات الجريمة في الدول المتقدمة، فضلاً عن المتخلفة.

إن الإسلام لا يبيح للإنسان أن يظلم نفسه، فضلاً عن غيره، بأي نوع من أنواع التصرفات الخاطئة، سواءً ما تعلق بالدين كالردة، أو النفس كالانتحار، أو المال كالتبذير، أو العقل كشرب المسكر، أو العرض كالزنا. وهي الضرورات الخمس التي تدور عليها مقاصد الشريعة. ولا صحة إطلاقاً لتعليق ذلك بالاختيار الشخصي، أو التراضي بين طرفين، فضلاً عن نسبته إلى مذهب من المذاهب الإسلامية. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>