للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن استغلال التاريخ الإسلامي وحوادثه في الترويج لأفكار الفرق الضالة الحاقدة على الإسلام والمسلمين بعد أن شاهدوا انتصارات الجيوش الإسلامية على أضعاف أعدادهم من جيوش الفرس والروم على قلة ما كان معهم من عدة وسلاح، وما ذلك إلا بنصر الله لهم وتمكينه لههم في الأرض، لأنهم قاموا بما أوجب الله عليهم من حقوقه جل وعلا، وعلى رأسها المحافظة على التوحيد ونبذ الشرك، ومنه دعاء غير الله، والذبح والنذر لغيره من الأولياء والصالحين من آل البيت وغيرهم، فحقق الله لهم ما وعدهم به في قوله تعالى: "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [النور:٥٥] . وهكذا تمكنوا من إزالة السلاطين الظلمة الذين كانوا يمنعون الناس من عبادة الله وحده، ونبذ الأصنام والأوثان، فلم يرق للحاقدين ما حصل من نصر للمسلمين ودينهم القويم، فرأوا أن يشككوا في وحدة كلمتهم منذ البداية، وزعموا أنهم عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصية مزعومة لا أصل لها في الواقع، وهل يعقل أن أولئك الأبرار الذين أيدهم الله تعالى بتلك الفتوحات العظيمة كانوا سيعصون رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أنه أوصى لواحد منهم بالخلافة من بعده كائنا من كان، وهم الذين بذلوا أموالهم وأرواحهم فداءاً لدينه، وطاعة لنبيه صلى الله عليه وسلم، وأثنى عليهم رب العزة والجلال في قرآن يتلى إلى قيام الساعة، قال تعالى: "لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر:٨-١٠] . فهل يكذب القرآن؟! ويصدق هؤلاء الحاقدون فيما زعمو من أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أوصى لعلي، وأن هؤلاء الذين وصفهم الله بالصادقين، رجعوا إلى الكذب، وأنكروا الوصية، ومنهم المبشرون بالجنة وهم أحياء، ولولا علم الله تعالى بأنهم سيموتون على الإسلام لما بشرهم بها (ومن أصدق من الله حديثاً) [النساء:٨٧] ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>