للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هجر الزوجة لزوجها أكثر من ثلاثة أيام!]

المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١١/٢/١٤٢٧هـ

السؤال

هل يجوز للمسلم أن يهجر أخاه المسلم -لسبب- مدة ثلاثة أيام؟ وهل يجوز للزوجة أن تهجر زوجها مدة ثلاثة أيام؛ بسبب سوء تصرفه معها؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالهجر نوع من العقوبات المشروعة لأجل الزجر والتأديب، وقد أرشد القرآن الكريم الأزواج إليه لمعالجة نشوز الزوجات، كما في قوله تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع...." الآية [النساء:٣٤] . ومارسه النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الثلاثة الذين خلفوا كما ثبت في الصحيح، انظر صحيح البخاري (٤٤١٨) ، وصحيح مسلم (٢٧٦٩) . غير أنه حرَّمه إذا كان لحظ النفس أكثر من ثلاثة أيام كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام". صحيح البخاري (٦٠٦٥) ، وصحيح مسلم (٢٥٥٩) ، مما يدل على جوازه فيما دون ذلك. والهجر درجات، فقد يكون بالكلام بأن لا يحادث المهجور، وقد يكون بالمكان بأن لا يجالسه، وقد يكون بغير ذلك.

لكن يجب على المسلم أو المسلمة مراعاة المصلحة الشرعية في تطبيق هذه العقوبة (أعني عقوبة الهجر) ؛ إذ المقصود بها زجر المهجور، وتأديبه، فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفته كان مشروعاً، وإن كان لا يرتدع بذلك بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف بحيث تكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر، بل يكون التألف لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع من التألف، ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتألف قوماً ويهجر آخرين بحسب ما يراه من المصلحة.

وفي رأيي أن هجر المرأة لزوجها لا يجوز؛ لما قد يترتب عليه من محاذير شرعية، كعدم الاستجابة لمطالبه التي يحرم على المرأة عصيانه فيها، وتسببه في تفاقم المشاكل بين الزوجين؛ لأن الهجر لايؤتي ثماره غالباً إلا إذا صدر من شخص له سلطة وولاية على المهجور، مثل الحاكم مع أحد أفراد رعيته، أو الوالد مع ولده، أو الزوج مع زوجته، ومعلوم أن موقف الزوجة بالنسبة إلى زوجها ضعيف، ولذا فأنجع علاج -في رأيي- لسوء تصرف الزوج أن تتمثل الزوجة قوله تعالى: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" [فصلت٣٤] ، وأن تتحلى بالصبر وتحتسب في ذلك، وأن تكثر من الدعاء لها ولزوجها بأن يصلح الله أحوالهما. أسأل الله أن يصلح أحوال الجميع. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>