للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أيهما أفضل: دم الشهداء أم مداد العلماء؟!]

المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي

عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٧/٠٣/١٤٢٧هـ

السؤال

أيهما أفضل: مداد العلماء أم دم الشهداء؟ وهل هناك دليل من القرآن أو السنة يؤكد ذلك؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالمعروف في هذه المسألة هو الموازنة بين مداد العلماء ودم الشهداء، ومما ورد في ذلك من الآثار قولهم: (يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء) .

قال المناوي: وأسانيده ضعيفة، لكن يقوي بعضها بعضاً. انظر كشف الخفاء (٢/٤٠٠) برقم (٣٢٨١) .

وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- الخلاف في هذه المسألة، فقال: (وقد اختلف في تفضيل مداد العلماء على دم الشهداء وعكسه، وذُكر لكل قول وجوه من التراجيح والأدلة، ونفس هذا النزاع دليل على تفضيل العلم ومرتبته، فإن الحاكم في هذه المسألة هو العلم، فيه، وإليه، وعنده يقع التحاكم والتخاصم، والمفضل منهما من حكم له بالفضل) ، ثم قال: (فإن قيل فما حكمه في هذه المسألة التي ذكرتموها. قيل: هذه المسألة كثر فيها الجدال واتسع المجال، وأدلى كل منهما بحجته، واستعلى بمرتبته، والذي يفصل النزاع ويعيد المسألة إلى مواقع الإجماع الكلام في أنواع مراتب الكمال، وذكر الأفضل منهما، والنظر في أي هذين الأمرين أولى به وأقرب إليه) .

ثم ذكر أن مراتب الكمال أربع: (النبوة والصديقية والشهادة والولاية، فأعلاها مرتبة النبوة والرسالة، ويليها الصديقية؛ فالصديقون هم أئمة أتباع الرسل، ودرجتهم أعلى الدرجات بعد النبوة، فإن جرى قلم العالم بالصديقية وسال مداده بها كان أفضل من دم الشهيد الذي لم يلحقه في رتبة الصديقية، وإن سال دم الشهيد بالصديقية وقطر عليها كان أفضل من مداد العالم الذي قصر عنها، فأفضلهما صديقهما فإن استويا في الصديقية استويا في المرتبة، والله أعلم.

والصديقية هي كمال الإيمان بما جاء به الرسول علماً وتصديقاً وقياماً، فهي راجعة إلى نفس العلم، فكل من كان أعلم بما جاء به الرسول وأكمل تصديقاً له كان أتم صديقية، فالصديقية شجرة أصولها العلم وفروعها التصديق وثمرتها العمل فهذه كلمات جامعة في مسألة العالم والشهيد وأيهما أفضل. وهذا كلام رصين من إمام محقق فليتأمل. انظر مفتاح دار السعادة (١/٨٠) . والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>