للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المشاركة في المجالس النيابية]

المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي

عضو البحث العلمي بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠٣/٠٣/١٤٢٧هـ

السؤال

اختلفت الاجتهادات بالنسبة لجدوى تغيير المنكر عن طريق المجالس النيابية، فبعض طلبة العلم يرى دعوة الناس مباشرة لا عن طريق مجلس الأمة، وأن الداعية إذا دخل معترك مجلس الأمة أصبح ملزماً به، فيتأثر بالعَلمانية بدل أن يؤثر في المجتمع بالكتاب والسنة، فكيف نوفق بين القولين في إطار الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة؟

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فإن الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واجب كفائي على الأمة، كما قال تعالى: "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [آل عمران:١٠٤] ، ولا يتم لهم ذلك إلا بالاتحاد والاتفاق، ولذلك حذرهم من ضدهما، فقال: "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [آل عمران:١٠٥] .

فالواجب على أهل العلم، والدعاة، والمصلحين، من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- السعي بشتى السبل الممكنة لتحقيق هذه المصالح أو بعضها، والتخفيف من المفاسد أو بعضها، كما قال نبي الله شعيب -عليه السلام-: "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" [هود:٨٨] . وأن يتعاونوا، ويتناصحوا، فيما بينهم، وأن يشتغل كل منهم في المجال الذي يحسنه، ويسد الثغر الذي لا يسده غيره، مع الاجتهاد التام في إصابة الحق، والرجوع إليه عند الخطأ.

وتأسيسا على ما مضى، فلا بأس أن ينتدب بعض أهل الإصلاح للدخول في المجالس النيابية؛ لتحصيل ما أمكن من المطالب الشرعية، وتخفيف ما قد يقع من المفاسد، دون أن يجترح شيئاً من المخالفات الكبرى؛ فإن المفسدة الصغرى، تنغمر بجنب المصلحة الكبرى، وفي ذات الوقت يبقى غيرهم من أهل العلم والدعوة على مشاريعهم العلمية والدعوية في توجيه الناس، وإصلاحهم.

وعلى الدعاة والمصلحين وطلبة العلم أن يتآلفوا، ويتناصحوا، ويتعاذروا في الأمور الاجتهادية، ويغلبوا جانب حسن الظن فيما بينهم. وبذلك تصلح الأمور، وتستقيم الأحوال، بإذن الله وتوفيقه. والله -تعالى- الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>