للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه, والله أعلم

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وعقب الدكتور / سامي السويلم على هذه الرسالة وما يشابهها بالتعقيب التالي:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد.

فقد وقفت على بعض الردود على المقال الذي كتبتُه سابقاً عن شركة "بزناس"، ولم أكن حريصاً على الجواب عنها، إيماناً بحق الباحث المنصف في إبداء ما يراه صواباً، وبأن الحق سيظهر في نهاية الأمر لا محالة. لكن طلب عدد من الإخوة التعقيب على هذه الردود والجواب عما تضمنته من الإشكالات أملاً في بيان الصواب في هذه القضية. فرأيت أن أتناول الموضوع من زاوية تعالج الإشكالات من أساسها، دون الخوض في التفاصيل الفرعية، ورجوتُ أن يكون ذلك أنفع لي وللقارئ الكريم. نسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا محبته واتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا بغضه واجتنابه، فهو سبحانه الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

حقيقة التسلسل الهرمي:

ليس غريباً أن تختلف وجهات نظر الباحثين في هذا الموضوع الجديد على الساحة. فالجديد بطبيعته لا تتضح معالمه وخصائصه من أول وهلة، بل يحتاج الأمر إلى شئ من الوقت لتتبين الصورة كاملة. ومن أقرب الأمثلة على ذلك اختلاف الفقهاء في حكم الدخّان أول ما ورد للبلاد الإسلامية، بين مجيز ومانع. فلما تبيّن لهم ما فيه من المفاسد والأضرار الراجحة على منافعه، لم تختلف كلمتهم في تحريمه.

والتسلسل الهرمي نظام نشأ أساساً في الغرب، وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، تفتقت عنه أذهان هواة جمع المال بأقصر السبل وأيسرها دون اعتبار لحق أو باطل. فلما تبيّن لعقلائهم ما فيه من التغرير والخداع، حكموا بمنعه. هذا مع كونهم يجيزون الربا والقمار والميسر أساساً. فإذا كان هذا شأنهم، عُلم أنهم لم يمنعوا هذا النظام إلا لكثرة ما فيه من المفاسد. والشريعة الإسلامية هي أولى الشرائع بالعدل والإصلاح. فما من خير ومصلحة راجحة إلا تأمر به، ولا شر أو مفسدة راجحة إلا تنهى عنه. حتى قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "إذا ظهرت أمارات الحق وقامت أدلة العقل وأسفر صبحه، بأي طريق كان، فثم شرع الله (١) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالعدل هو الشرع، والشرع هو العدل. ... والذي أنزل الله هو القسط، والقسط هو الذي أنزله الله." (٢)

والتسلسل الهرمي يكفي تصوره على الوجه الصحيح للحكم ببطلانه، فينطبق عليه قول الليث بن سعد رحمه الله أنه: "أمرٌ لو نظر فيه ذو البصيرة بالحلال والحرام علم أنه لا يجوز." (٣)

التسلسل

والفكرة في جوهرها بسيطة، لكنها تتعقد إذا أبرزت في صورتها النهائية. سأذكر فيما يلي جوهر العملية، وأما التفاصيل فأحيل على المقال السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>