للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو فصل نشاط التسلسل الهرمي عن المنتج لما كان الأخير بهذا الثمن. وإذا كان ثلاثة أرباع الثمن للتسلسل الهرمي، دل على أن المراد من الصفقة أساساً هو النشاط المحرم. وإذا كان كذلك، فالحكم للغالب، كما هو مقرر شرعاً.

وأما الزعم بأنهم يدفعون مخصص التسويق للأعضاء بدلاً من صرفه على الدعاية والإعلان، فهو تضليل وتلبيس تلقفوه عمن سبقهم من الغربيين المنبوذين في بلادهم فضلاً عن بلاد الإسلام. وذلك أن الأفضل من ذلك هو إعادة هذا المبلغ للمشتري، وتخفيض الثمن من ٩٩ إلى ٢٤ دولاراً. وهذا أفضل في تسويق المنتج لمن يرغبون فعلاً الاستفادة منه. لكنهم بإلزام المشتري بدفع مخصص التسويق الهرمي، يلجئونه إلى الاشتراك في الهرم من أجل الانتفاع بما دفعه. فإن أراد المشتري الاشتراك في التسلسل الهرمي وقع في المحذور، وإلا كان مغبوناً لأنه دفع مقابل ما لا ينتفع به، وإذا رضي بذلك كان معيناً للشركة على أكل المال بالباطل.

الحالة الثالثة: غموض القصد، أو التردد، أو إرادة الأمرين معاً

من السهل الحكم على هذه الحالة بعدما تبيّن الحكم في الحالتين السابقتين. وذلك أن ما تردد بين أمرين كلاهما محرم، فهو محرم بالضرورة. أما الزعم الذي يقوله كثيرون من المنتسبين لهذه الشركة، من أنهم يريدون الأمرين معاً ومن ثم فلا خسارة عليهم، فيقال:

إن الله تعالى أعطانا العقل لنستدل على ما غاب عنا بما شهدناه. فإذا عُرض على العاقل شراء محفظة لا تتجاوز قيمتها ١٠٠ ريال، بداخلها مبلغ نقدي قدره عشرة آلاف ريال، فهل تكون رغبته في الأمرين واحدة؟ وهل يستوي عنده هذا المال وهذه المحفظة؟ لا يمكن أن يقر بهذا عاقل يبحث عن مصلحته في معاوضة يراد بها الربح. وعلى أحسن الأحوال فإن رغبته لكل منهما ستكون بحسب قيمته. فإذا كان نسبة قيمة المحفظة إلى المال لا تتجاوز ١%، كان المقصود هو المال بنسبة ٩٩%، والمحفظة بنسبة ١%.

وفي التسويق الهرمي تَعِد الشركة الأعضاء بعمولات يبلغ مجموعها في نهاية السنة الأولى خمسين ألف دولار، أي ما لا يقل عن ١٨٧.٥٠٠ ريال، بينما لا تتجاوز قيمة المنتجات التي تبيعها الشركة ٣٨٥ ريالاً. فهل يعقل أن تكون رغبة الشخص في الأمرين متساوية؟ إن منطق العدل يقتضي أن تكون الرغبة في التسويق بحسب العائد المأمول، وفي المنتجات بحسب قيمتها المعلنة. ونسبة قيمة المنتجات إلى العائد لا تتجاوز ٠.٣%. أي أن العاقل يقصد عمولات التسلسل الهرمي بنسبة ٩٩.٧%. وسبق أن الحكم للغالب، فيكون الغالب هو إرادة التسلسل الهرمي. وإذا كان الأخير في ذاته محرماً لأنه أكل للمال بالباطل، لزم حرمة الشراء بناء على ذلك.

التسويق على من؟

ومما يبيّن الفرق بين التسويق الهرمي والسمسرة المعروفة، أن السمسار يحصل على عمولة مقابل بيع السلعة لشخص أو عدد محدد من الأشخاص، لكن لا علاقة له بما يفعله المشترون بالسلعة. فعلاقة السمسار بالمشتري تنتهي بمجرد الشراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>