للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حول نكاح الكتابية]

د. محمد بن سليمان المنيعي ١٦/١١/١٤٢٤

٠٨/٠١/٢٠٠٤

سبق وأن نشرنا في النافذة حول (نكاح الكتابية) و (الزواج من النصرانية) ثم وردنا تعقيب من أحد الإخوة يشير إلى أن منع الحاكم الزواج من الكتابية - إن رأى ذلك - هو تحريم لما أحله الله - تعالى - إلى آخر ما ذكر-.فعرضنا هذا التعقيب على فضيلة الشيخ المفتي، فتكرَّم بالتوضيح والبيان، فإليكم فإليكم التعقيب والتوضيح.

التعقيب:

السلام عليكم.

بالإشارة إلى جواب الشيخ محمد المنيعي، والذي قال فيه إنه يجوز للحاكم المسلم منع الزواج من نساء أهل الكتاب مع كون ذلك حلالاً في القرآن الكريم، لكن الحاكم المسلم يكون بعمله هذا قد حرم ما أحل الله بآية صريحة في القرآن، فكيف نطيع الحاكم في ذلك؟ إذا جاز للحاكم أن يمنع زواج المسلم بامرأة نصرانية فهل يجوز أن يمنع تعدد الزوجات وأموراً أخرى صرَّح القرآن بإباحتها؟.

*****

التوضيح

فَرْقٌ يا أخي بين المنع والتحريم، خذ مثالاً على ذلك، لو منعت ولدك من أكل نوع من الطعام في الليل لمصلحة تراها فهل يعني هذا أنك حرمت أكل هذا النوع من الطعام على ابنك؟ وهل يجوز لولدك أن يقول: لم تحرم ما أحل الله لي؟ وعلى ذلك أقول: لولي الأمر أن يمنع شيئاً من المباحات أو يحرم العمل بها؛ لمصلحة يراها، تعود بالنفع على المسلمين.

وهذا له شواهد كثيرة.

فمنها أن عمرو بن العاص - رضي الله عنه- كان أميراً على جيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إحدى المغاري، فنهاهم عن إيقاد النار في الشتاء مع حاجتهم لذلك، ونهاهم عن أخذ الغنائم لمصلحة يراها، فالتزم صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك وأقرهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يعترض عليهم

ومن ذلك منع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- النكاح بنساء أهل الكتاب لمصلحة يراها، وامتثل ذلك صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.

ومن ذلك أمر عثمان بن عفان زيد بن صوحان - رضي الله عنهما- أن يترك المدينة، ويرحل إلى الشام لخطأ ارتكبه، فامتثل ذلك، وسافر إلى الشام، وغير ذلك من الأمثلة الكثير،. انظر مصنف عبد الرزاق (٧/١٧٦ - ١٧٩) ، ومصنف ابن أبي شيبة (٣٣٦٥٦) ، وتفسير ابن جرير (٢/٣٩٠) ، وسنن البيهقي (٧/١٧٢) ، وتاريخ دمشق (٤٦ / ١٤٤ - ١٤٥) وسير أعلام النبلاء (٣/٦٦) وتفسير ابن كثير (٢/٥٤٠) ، والدر المنثور (١/٥٧٦) ، ويكفيك من ذلك كله قوله - تعالى -: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" [النساء:٥٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>