للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يجب الإيمان به القدر، فإن الإيمان بالقدر أحد أصول الإيمان، ومعنى الإيمان بالقدر: الإيمان بأن الله علم كل شيء بعلمه القديم، وكتب ذلك، كما أخبر في كتابه، كما أن من الإيمان بالقدر الإيمان بأن كل ما يجري في هذا الوجود هو بمشيئته – سبحانه- وتدبيره، وأنه –تعالى- خالق كل شيء، فيجب مع الإيمان بالقدر الإيمان بحكمة الله، أن الله حكيم، يعني: له الحكمة البالغة فيما خلق وقدر في هذا الوجود من خير وشر، ومن حكمته –تعالى- ابتلاء العباد، يعني: اختبارهم؛ ليتبين المؤمن من الكافر، والمطيع من العاصي، والصادق من الكاذب، كما قال –تعالى-: "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً" [الملك:٢] ،وقال –تعالى-: "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين" [العنكبوت:٢-٣] ، فيجب الإيمان بأن له في كل ما يقدره حكمة بالغة، علمنا ذلك أو لم نعلم، بل ما يخفى على العباد من حكمته –تعالى- هو أضعاف أضعاف ما يعلمونه، بل ما يعملونه من حكمته في خلقه يسير جداً، فالعقول لا تحيط به علماً، قال –تعالى-: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً" [الإسراء:٨٥] ، وقال –تعالى-: "ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء" [البقرة:٢٥٥] ، فإذا رأى الإنسان ما يتوهم منه أنه خلاف العدل فليتذكر كمال علمه، وحكمته – سبحانه-، ويتذكر مع ذلك قصور عقل الإنسان عن معرفة أسرار القدر، فالقدر سر الله، لا يعلم العباد منه إلا ما علمهم، ومعنى هذا أن على الإنسان أن يحسن الظن بربه، ويقرّ على نفسه بالعجز والقصور، هذا الأصل عند المؤمن أو المؤمنة، انزاحت عنه الشبهات لحكم الله وحكمته، فلا يستقر الإيمان إلا على مبدأ التسليم؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يدرك عقله كل شيء. ومما يدخل في ذلك أقدار الله الجارية على العباد مثل أنه – سبحانه وتعالى- يُضل ويهدي، ويُسعد ويشقي، ويُعز ويذل، ويُفقر ويغني،

<<  <  ج: ص:  >  >>