للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحب الصامت]

المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة

التاريخ ١٠/٠٨/١٤٢٦هـ

السؤال

أنا فتاة غير متزوجة، أحببت شخصاً، وتمكَّن حبه من قلبي، مع أنني لم أسع لهذا الحب، بل هو من تسبَّب في حبي له؛ بسبب صفات معينة فيه، وإن كانت فيه صفات أخرى أكرهها, وأريد معرفة حكم هذا الحب، مع العلم بأنه لم يصدر شيء مني له يبين حبي الصادق، وإن قلت صادقاً فذلك لأنه مضى أكثر من سنة، وأنا أحب هذا الشخص وما أزال، ولأنني أدعو له بالخير والهداية في كل دعوة أدعوها لنفسي في الدنيا والآخرة, مع علمي بميله لي من تصرفاته، مع حرصي الشديد على عدم إعطائه فرصة للحديث معي، أو تواجده عندي، أو الإسهاب معه في الكلام، ولأن ميله لي قد يجعله يرتكب حماقة أنا لا أستطيع أن أتفاداها, وأنا لا أخاف من نفسي في الوقوع بالخطأ؛ لأنني أخاف الله كثيراً، وأتجنب جميع الطرق التي تؤدي إلى فتح باب للشيطان، وأحاسب على تصرفاتي، بل وحيائي وقوة شخصيتي يساعداني على ذلك، ومشكلتي هي معرفتي بأن هذا الشخص فاسق، ولكن قلبي ليس ملكي, فقط عقلي وإيماني وخوفي من الله يجعلني أرفض البوح بمشاعري، أو أتقبل إبداء حبه لي شفهياً، وحتى لو أراد الزواج مني فلن أوافق؛ لأنني أخاف من حياة الفسوق التي هو عليها، وأريد حياة كلها تقوى وعبادة, وإن تمنيت الزواج منه فقط لمساعدته على عبادة الله ورجوعه إليه وتركه للسيئات.

لقد تقدم لي أشخاص يمتازون بالصفات الحسنة، ولكنني أرفضهم من غير أن أراهم؛ لأنني لا أستطيع الزواج وقلبي متعلق بهذا الشخص, فأنا لست من النساء اللاتي يستطعن النسيان بعد زمن، أو التأقلم مع حياة جديدة, فأنا لا أستطيع أن أتقرب من رجل آخر مهما يكن.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أيتها الابنة الكريمة:

أعلم أن عواطفك المشحونة، وأن مشاعرك المشبوبة لا تستأمرك في التوقد، ولا تستأذنك في التوجه، ولكن لابد أن تكون العاطفة مزمومة بزمام العقل، ولذلك اشترِط الولي للمرأة؛ لأنه يضيف عقله إلى عاطفتها، ولذا لا بد من اتخاذ التدابير التي تعالج حالة التعلق من قبلك.

أذكِّرك -ابنتي- بأن هذا التعلق بشخص متزوج، وله حياته الخاصة التي -هي باعترافك- حياة عامرة بالفسوق ليس في مصلحتك، وأنا على شبه اليقين أنه لو تم بينكما زواج فإن حالتك ستكون في غاية السوء والتعاسة؛ لأنك لن تتعاملي مع ضرة، ولكن ستتعاملين مع ضرائر كثر، وعلاقات محرمة أو مشبوهة، وهذا من أكثر ما ينغص الحياة، ويسرع بالفشل لهذا الزواج، ويقلب حياة المرأة إلى تعاسة دائمة، ونصيحتي لك هي الابتعاد عن شخص بهذه الصفات حتى ولو تقدم لك، وإذا كان زواجه من امرأة لم يعفه ويحصنه من الفسوق، فإن زواجك به أيضاً لن يعفه ويعصمه من الفسوق، ما لم يفتح الله عليه بهدى من عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>