للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحين نقول: يجب أن يسمع ويطاع لمثل هذا الحاكم الآمر، لا يعني أنه عادل في حكمه هذا، بل قد يكون ظالماً متعدياً، كما يحتمل أن يكون المحكوم -المأمور- ظالماً أو مظلوماً، والظلم من كل أحد وعلى كل أحد حرام: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماًَ فلا تظالموا" مسلم (٢٥٧٧) ولكنه حرام على الآمر فقط، أما المأمور فيجب عليه التنفيذ حيث لم يؤمر بمعصية، ثم إن الظلم في مثل هذه الأمور المتأولة أمر تقديري تختلف فيه الأنظار والآراء والغالب أن المأمور ينظر لنفسه ويحكم لها؛ لأنه ربما يرى أنه مهان فمن النادر أن يكون تقديره للظلم الواقع عليه صواباً.

ومما يلاحظ في عامة النصوص التي تأمر بالسمع والطاعة في غير معصية أنها لم تذكر أو تقيد صفة هذا الآمر هل هو كافر صريح، أم متأول، أم مسلم ظالم، أم فاسق، فقد يأمر الحاكم الكافر الصريح في كفره بعض المسلمين بأمر ليس فيه معصية لله، كما هو الحال في الأقليات المسلمة في ديار الغرب، حيث يطالب المسلمون بالتقيد بأنظمة وقوانين تلك البلاد الكافرة، وقل مثل ذلك في كثير من المسلمين في البلاد العربية والإسلامية التي تحكم حكوماتها بالقوانين الوضعية، مع الحكم بالشريعة في الأحوال الشخصية مثلاً المسلمون وإن لم يكونوا أقلية في ديارهم لكنهم مضيق عليهم فلا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر، بل ربما منعوا من رفع دعواهم إلى المحاكم لرفع الأذى والظلم عنهم، فحال الأقليات المسلمة في ديار الغرب وحال المسلمين المستضعفين في ديارهم سواء بسواء، فواجب الجميع السمع والانقياد إذا أمروا بطاعة، ويجب عليهم الإنكار أو الامتناع والرفض إذا أمروا بمعصية.

وأخيراً أنصح السائل وإخوانه بالابتعاد عن الخلاف والجدل فيما لا طائل تحته ولا ينتج ثمرة، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. آمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>