للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معاناتي مع أمي!!]

المجيب د. رياض بن محمد المسيميري

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين

التاريخ ١١-٧-١٤٢٤

السؤال

خلال ال٢٣ سنة الماضية وأنا أواجه إساءة نفسية وبدنية من أمي الحبيبة، خلال كل هذه الفترة وأنا أحاول أن أبتلع ألمي وأتحمل، فقط لأنها أمي مهما يكن، ولكن مع الأسف وبعد أن أصبح عمري ٢٣ سنة ليس لدي الاستطاعة أن أتحمل أكثر من ذلك. ضربها المستمر وسبها لي جعلني مريضة جدا، ماذا فعلت لأجازى بكل هذا؟ مؤخرا أخبرني والدي بأنها مريضة نفسيا ولكن هذا لا يحل مشكلتي. لأن تعاملها مع باقي إخوتي عكس تعاملها معي. والذي يحزنني فعلا أنها تسبني كثيرا وتدعو علي بأدعية سيئة، يا ترى هل سيستجيب الله من هذا الدعاء؟ وبسبب تعاملها بهذه الطريقة تعرفت على شاب لطيف، يخاف الله ومشهود بذلك عند الناس الذين حوله، وهو متعلم ومن عائلة محترمة، وجدت عنده الحب والحنان الذي أحتاجه منذ زمن، وعندما تقدم إلينا ليطلب يدي، رفضت أمي بشدة، لأنها علمت أنه كان بيني وبينه علاقة حب قبل أن يتقدم إلينا، خوفا من كلام الناس أن فلانة زوجت بنتها من شخص من الشارع. أرجو أن تساعدني وتخبرني بحقوقي وواجباتي كابنة مسلمة، هل للأمهات أن يفعلوا ذلك فقط لأنهم أمهات؟ والجنة تحت أقدامهم؟ وماذا عن الأطفال؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب

أختي في الله، سلام الله عليك ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهنئك على نعمة الهداية، وبرك والدتك، وحلمك وصبرك على معاملتها إياك، وما أجمل أن تلتمسي لها المعاذير، وتغفري لها زلاتها تجاهك وما يدريك لعلها كما قال أبوك تعاني من حالة نفسية وليس ثمة مانع - عقلاً - أن تكون كذلك تجاهك أنت بالذات دون سائر إخوتك، وهذا من الابتلاء الذي قدره الله عليك رفعة لدرجاتك وتكفيراً لسيئاتك فاحمديه على كل حال، واصبري واحتسبي فإن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الأمثل فالأمثل.

إن أمك عافاها الله لا يمكن أن تضمر لك سوءً أو تحقد عليك أو تسيء معاملتك إلا لأمر خارج عن إرادتها وهو فيما أرى عقدة نفسية أو اضطراب فكري لا قدرة لها في السيطرة عليه أو تجاوزه فسلي الله لها الشفاء، وداومي الصبر عليها، والإحسان إليها فهي بأمس الحاجة إليك بالذات لصلاحك واستقامتك.

وأما دعاؤها عليك فلا يضرك بحال، لأنه لا ذنب لك، ولا عقوق منك تجاهها فإن حصل شيء مما دعت به عليك فذاك قدر مقدور، ولوح مسطور ابتلاءً منه سبحانه وامتحاناً لك ثوابه وأجره، لا لاستحقاقك العقوبة، وأما موقف الله منك فأجزم بأن الله لن يضيع لك أجراً متى صبرت واحتسبت وأحسنت إلى والدتك.

وأما موقف الله من والدتك فاغفري لها وسامحيها حتى يتجاوز الله عنها، وأما تعرفك على شاب لطيف يخاف الله إلى آخر ما ذكرتيه فليس لك ممارسة هذه التصرفات ولنا أن نتساءل من أين تعرفت عليه؟ وما الذي أدراك بأنه لطيف وما إلى ذلك!.

إنك يا أختاه مأمورة بالحذر من كل أجنبي عنك مهما أظهر لك من دماثة الخلق ولين الجانب.

إن الرجل العفيف المراقب لربه تعالى لا يرضى أن يقيم علاقات عاطفية مع امرأة لا تحل له، وإن زعم رغبته بالزواج، ذلك أن البيوت إنما تؤتى من أبوابها وأبواب النكاح هي عن طريق الأولياء لا عن طريق المحادثات والمهاتفات وغيرها.

وأحسبك الآن قد عرفت واجباتك وحقوقك كابنة مسلمة وملخصها: لزوم برك والدتك وإحسانك إليها ولك على والديك حسن المعاملة والعدل بينك وبين إخوتك

وفقك الله وأعانك والسلام عليكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>