للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أمي سريعة الغضب]

المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس

مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين

التاريخ ٥/١/١٤٢٥هـ

السؤال

أنا إنسان ملتزم -ولله الحمد- منذ فترة ليست ببعيدة من ٦ أو ٧ أشهر، المهم أنا مشكلتي في أمي عدم توافقي معها، فهي عصبية، وتمر بظروف نفسية كثيرة جداً، وأنا عصبي، وحار بمعنى أصح، وهي لا تقدر أبدا رغم أنها متعلمة، لكن صدقني حاولت جاهداً إرضاءها، ولكن دون جدوى، كثيرة الشكوى، رغم أننا في الحياة اليومية جدا متوافقان، ومتفاهمان، لكن تحدث المشاكل وقت الطلبات، تحدث المشكلة رغم أني لا أخرج كثيراً طول الأسبوع، فقط في عطلة الأسبوع، أخرج قليلاً أيضاً، ولكن تحدث مشاكل، ولا أستطيع أن أمسك نفسي، فأغضب، تعبت يا شيخ، لكن مع العلم لي أخ أكبر مني، لا يهتم بها كثيراً، في الشهر مرة أو مرتين، ومع ذلك ينفذ له كل أمر، وهو يسبها، ويشتمها، وأنا عكس ذلك، أهتم أن ترضى علي، لكن تعبت.

الجواب

أحمد الله الذي منَّ عليك بالهداية يا أخي، وأسأله أن يتم نعمته عليك بالثبات على طاعته.

مشكلتك أخي العزيز هي مشكلة الكثير ممن يمرون بنفس المرحلة التي تمر بها الآن، فلست الوحيد الذي يعاني منها، وسببها -غالباً- عدم تفهم الوالدين بطبيعة مرحلة المراهقة، وحاجة الابن أو البنت خلالها إلى إبراز نفسه، وتحقيق ذاته، وإثبات استقلاليته، بل ربما تفهم هذه المشاعر على أنها تمرد وعصيان على سلطة العائلة، ومن هنا تنطلق المشاكل. يضاف أمر آخر لوالدتك، وهو أنها تمر (بظروف نفسية) ، ومعنى ذلك أنها قد تتصرف تصرفات هي ليست مقتنعة بصحتها، ولكن تحت ضغط هذه الظروف قد يصدر عنها ما لا تحب من الانفعالات؛ ولذلك أجزم أنها - في نفسها - تشعر بتأنيب الضمير؛ لأنها تعاملك بهذا الأسلوب؛ لأنها أولاً: أم، وثانياً: لأنها تعرف ظروفها التي تمر بها، ولكن قد لا تصرح لك بذلك، بل تترجمه بتعويضك بالحنان الزائد وقت الهدوء أو منحكم بعض المال أو غيره، والذي عليك أن تفهم أن هذا نوع من الاعتذار لك بطريقة غير مباشرة.

جانب آخر لا بد أن تتفهمه وهو أن تصرفها معك بهذا الأسلوب-وإن كان خطأ لا أؤيدها عليه - إلا أنه دلالة على مكانتك المتميزة في قلبها، فهي تخاف عليك من الخروج- ولا ألومها على ذلك- لأننا نعيش في زمن مخيف حقاً، فتحت أبواب الانحراف فيه على مصارعها، وهي تخاف أن يخطفك إحداها، فتخسر فلذة كبدها.

وهي لا تعامل أخاك بنفس الاهتمام؛ لأن منزلته أقل من منزلتك بكثير في قلبها، وكيف لا يكون ذلك، وهو (يسبها ويشتمها) ،أعوذ بالله من سخطه وعقابه، وهي تخاف أن تخسرك أنت كما خسرت أخاك، والذي أريده منك يا عزيزي ما يلي:

١- أن تتفهم مشاعر والدتك، فهي أم، وقد لا تعرف -الآن- دلالة هذه الكلمة، ولكن إذا كبرت - بإذن الله- وتزوجت، ورزقك الله الذرية سوف تدرك هذه المشاعر تماماً، فكل تصرف منها لا يعني أنها تكرهك أو تقلل من شأنك، بل تخاف عليك.

<<  <  ج: ص:  >  >>