للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخي الحبيب: إن ما تعاني منه يعاني منه فئام كثيرة من البشر، بل لقد عانى منه الأنبياء والرسل - صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً- وكذلك من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، قال تعالى: "الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" [العنكبوت١ -٣] ، فإن ما أنت فيه بلاء عظيم، واختبار من الله لك ولزوجك؛ لينظر مدى صدقكما في الاستقامة على شرع الله، وهذا البلاء سنة الله في خلقه، قال تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" [البقرة:١٥٥] ، إذاً يجب عليكما الصبر على هذا البلاء، والتمسك بدين الله، وأبشرا بالعاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة، فهذا وعد الله للصابرين بالبشرى، ولن يخلف الله وعده أبداً، يقول صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم؛ حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها خطاياه" متفق عليه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري: البخاري (٥٦٤٢) ، ومسلم (٢٥٧٣) - رضي الله عنهما-، ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط" أخرجه الترمذي (٢٣٩٦) ، وابن ماجه (٤٠٣١) من حديث أنس -رضي الله عنه- وقال الترمذي: حديث حسن. وقد ثبت عَنْ سَعْدٍ أَنهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ.." الحديث ... أخرجه الترمذي (٢٣٩٨) ، وابن ماجه (٤٠٢٣)

فيا - أخي الكريم- اثبت على ما أنت عليه، وتذكر أنبياء الله ورسله، وفي مقدمتهم نبينا محمد - صلى الله عليه وعليهم جميعاً- كم لاقوا من الأذى والتعب، والنصب من قومهم وذويهم، بل من أقرب الأقربين، ولكنهم ما ضعفوا ولا استكانوا، وتمسكوا بالدين، فكانت العاقبة الطيبة لهم ولمن تبعهم إلى يوم الدين، فاحرص على أن تكون أنت وزوجك مع هذا الركب المبارك.

فإن أصر والدك على موقفه فلا تضعف، وسيعوضك الله خيراً مما فقدته من أبيك، قال صلى الله عليه وسلم: "إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله إلا أعطاك الله خيراً منه" أخرجه أحمد (٢٠٧٣٩) .

وكذلك زوجتك لا يضرها موقف أهلها وأمها، فيجب عليكما أن تقدما ما يحبه الله ويرضاه على ما يحبه أهلوكم، ومع الأيام سترون النتيجة الطيبة والتي تكون في صالحكما، قال صلى الله عليه وسلم: "من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس" أخرجه ابن حبان (٢٧٦) .

وإني أقدم لك ولزوجك بعض النصائح فاتبعاها:

<<  <  ج: ص:  >  >>