للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*-يجب عليك- أخي- أن تبحث عن عمل، وأن تتجنب مجالات الشبهات مهما كانت مغرية، وربما قد يجد هذا الشخص ميلا في ذاته للعمل فيها بسبب ضغوط الحاجة أو لهوى النفس، أو غير ذلك؛ فعليك أن تستفتي قلبك، فعن وابصة بن معبد -رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "جئت تسأل عن البر؟ ". قلت: نعم، قال: " استفت نفسك، استفت قلبك، يا وابصة ثلاثا- البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك". رواه أحمد (١٧٥٣٨) ، والدارمي (٢٥٣٣) . وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".رواه الترمذي (٢٥١٨) ، والنسائي (٥٧١١) ، وغيرهما. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

•أجاز فريق من الفقهاء العمل في هذه المجالات، أو استمرار العمل فيها عند الضرورة المعتبرة شرعا والتي تقدر بقدرها دون تعد أو تنزه أو ترف، وكل أعلم بضرورته، ودليل ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى: "فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" [البقرة: ١٧٣] ، ويجب استشعار مراقبة الله عز وجل، ولا تحايل على شرعه.

*يرى فريق من الفقهاء أنه عند الضرورة، وجوب تطهير الأرزاق بأن يجتهد العامل في مثل هذه الأماكن، ويقدر نسبة المال المكتسب من حرام في حالة اختلاط المعاملات الحلال بالحرام، ويتم التخلص منه في وجوه الخير وليس بنية التصدق، ولا تنفق في مجال العبادات.

• وفي كافة الأحوال السابقة يجب الحذر وتجنب المشتبهات، ولقد كان صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتركون تسعا وتسعين بابا من الحلال خشية أن يقعوا في باب واحد من الحرام، وهذا من الورع والخشية من الله سبحانه وتعالى، فعن أبي عبد الله النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب". رواه البخاري (٥٣) ومسلم (١٥٩٩) .

• أخيراً.. سواء اضطررت للتواجد في هذا المكان أو فارقته فإن عليك واجب النصيحة بالمعروف لأخيك بالحرص والحب واللين والكلمة الطيبة والمعلومة النافعة، عسى الله -تعالى- أن يشرح صدره لما شرح صدرك له.. والله الموفق والمستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>