للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حينما تغيب الحكمة]

المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية

التاريخ ٤-٧-١٤٢٤

السؤال

مشكلتي باختصار أنه في يوم من الأيام وفي وقت متأخر من الليل رفعت سماعة الهاتف بالصدفة فوجدت أختي تتكلم مع ابن عمتي كلاماً غير لائق فجن جنوني ولفرط الغيرة قمت على الفور ولم أتركها حتى سقطت على الأرض وكنت أحسبها ماتت وإلا ما تركتها، وفعلت الشيء ذاته للآخر وقد حملت مسدسا لأضربه في صدره بعد أن أثقلتني طعنته من الخلف ولكنه فر هاربا وتمت المقاطعة النهائية بين العائلتين، وبعد مرور سنة أتتني أختي تعتذر فطردتها وأرسل لي هو رسول وأبيت الصلح والله يعلم أن أبغض شي عندي رؤيتهما أو سماع أصواتهما، سؤالي هل علي إثم في هذه المقاطعة والسبب هو الخيانة والغدر وانتهاك الحرمات؟

أرجوكم أفيدوني لأنه مضى الآن سنتان على الحادثة والمقاطعة مستمرة وأنا لا أحب حتى أن أعرف أخبارهم سواء أختي أو ابن عمتي.

الجواب

الأخ الكريم ... حفظه الله.

شكرا لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم".

في البداية أقدر فيك غيرتك على محارمك وغضبك من وجود مثل هذه السلوكيات ومثل هذه الأحاديث، ومن ناحية أخرى أوافقك الرؤية أن الكلام الهابط بين المرأة والرجل لأجنبي عنها وما يندرج ضمن ذلك من معاكسات وكلمات غزل ولهو أنه من الأمور التي تغضب الله سبحانه وتعالى ولا يرضاها لعباده المؤمنين.

وأنا وإذ كنت أرى خطأ الفعل مثلك تماما، إلا أنني أرى أيضا أن العملية العلاجية التي قمت بها كان يشوبها الخطأ أيضا والاندفاع والعجلة والبعد عن التروي والحكمة ... والتمادي في طاعة الشيطان والهوى وتغليب الجاهلية المقيتة على الشرع الحكيم، وإلا فمن الذي يسوِّغ لك أخي الكريم من الناحية الشرعية قتل نفس معصومة لم ترتكب جرما يستحق ذلك العقاب؟ إنها الغيرة الجاهلية والحمقاء البعيدة كل البعد عن الهداية والصلاح والحكمة ومراقبة الله سبحانه وشرعه الحكيم.

إذا كان ذلك الغضب منك إنما كان لله تعالى فكيف تفسر عصيانك له بفعل جريمة القتل؟

أخي الكريم الذي يحزن لحرمات الله تعالى عندما تنتهك لا يعمل على انتهاكها هو أيضا ... هذا ما يجب أن تدركه عاجلا وأن تتضح لك الصورة فيها من دون أن يكتفها أية شائبة.

قطيعة الرحم محرمة، وحرامها شديد عند الله تعالى، بل إنني أقولها لك بكل صراحة أن عملك في هذه القطيعة هو أشد جرما وحرمة عند الله تعالى مما فعله ذلك الرجل وأختك.. هذا هو شرع الله حتى لو غضبت من ذلك ... التقاليد ليست هي الشريعة يا أخي، وليست هي أوامر الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ... يجب أن تدرك ذلك جيدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>