للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعيّروني بأني لقيطة!

المجيب عبد الإله بن سعد الصالح

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى

التاريخ ٢٤/١٢/١٤٢٦هـ

السؤال

أعيش في أسرة عادية، يكسوها طاعة الله ورضوانه، وبين أب وأم وإخوة، وفي السنوات الأخيرة من عمري اكتشفت أني لست ابنتهم، بل أنا لقيطة، وأصبحت الأفكار ونظرات الناس والمجتمع لا ترحمني، فكل مكان أذهب إليه أشعر بأني صغيرة بين الناس، وحتى الناس يعاملوني وكأني إنسانة غير سوية خلقيا، أنا لا أدري كيف أتيت إلى هذه الدنيا، هل بطريقة شرعية أم أني بنت زنا؟! كل الأقارب وحتى زوجات إخوتي أصبحن يعيِّرنني بأني لقيطة. تدمرت حياتي، تركت الدراسة، انعزلت عن الناس، حاولت مراراً وتكراراً التكيف معهم بشتى الطرق، ولكن بين الحين والآخر تتزاحم علي الأفكار، وكلمات الناس الذين يقذفونني بأني أتيت بطريقة غير شرعية.

تقدم أحد الإخوة لخطبتي، واتفقنا، وعندما صارحته صارحت والدته بأني لقيطة انصرفوا عن الموضوع.

وعرفت أن والدتي على قيد الحياة، ولكن لا أعرف لها طريقاً.

فهل لي حق بالرجوع إليها بعد هذا العمر الذي تركتني فيه، أم أبتعد عنها لأنها هي سبب حياتي القدسية؟ أرشدوني ماذا أفعل؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أسأل الله بمنه ورحمته أن يشرح لكِ صدركِ، وأن ييسر لك أمركِ، وأن يجعلك من الهداة المهتدين.

أختي الفاضلة:

لنتأمل سوياً، خلق البشر فمنهم مؤمن ومنهم كافر، وقد منّ الله عليك وعلينا أن هدانا للإسلام، وجعلنا مؤمنين به، والإيمان له أصول منها الإيمان بقضاء الله وأقداره، فهي علامة على صدق وإحسان ظنه بربه، كما قال -صلى الله عليه وسلم- "لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه" ومن آمن بما قدر الله وقضى عاش مطمئناً مستقراً، ثابتاً مرابطاً، لا تزعزعه ولا تعرضه للمحن والمصائب، ولابد أننا نعتقد أنه لا يحدث شيء بدون إرادته سبحانه، قال تعالى: "إن ربك فعال لما يريد".

وقال سبحانه وتعالى: "وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له" إذا عُلم هذا فإذا نزلت النازلة وحلت المصيبة تذكر أنه بإرادة الله ومشيئته، فلا يجزع الإنسان فإنه يأوي إلى ركن شديد. ونؤمن أيضاً أن الله سبحانه لا يقدر شراً محضاً ليس فيه خير، بل كل ما قدر وإن ظهر لنا أنه شر كله فإن من ورائه من الخير ما لا يعلمه إلا الله، كتكفير السيئات ورفعة الدرجات ونحو ذلك من المصالح التي لا تخطر على بال.

وتؤمن بأن الله سبحانه رحيم بالمؤمنين، بل هو أرحم بهم من أمهاتهم، لذا كان على العبد إيماناً بالله أن يصبر على أقدار الله ويرضى بها وهو سر الهداية والفلاح في الدنيا والآخرة، فإن ألمت بنا المحن نستعين بالصبر قال تعالى: "واستعينوا بالصبر والصلاة" فهي الحياة لا تقوم إلا على الصبر والمصائب، وعلاجها لا يكون إلا بالصبر فكان أجر الصابرين عظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>