للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كيف يملك نفسه عند الغضب؟]

المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/اخرى

التاريخ ٢٨/١١/١٤٢٥هـ

السؤال

أحيانا في أثناء الغضب تخرج مني تصرفات وكلمات لا أشعر بها مع الآخرين، ثم بعد ذلك أندم على ذلك, فهل هناك علاج شرعي، وتوجيهات قرآنية ونبوية للسيطرة على النفس وعلاج مثل هذه الحالات؟

الجواب

الأخ الكريم- سلمه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.

والجواب على ما سألت كالتالي:

لا شك-يا أخي الفاضل- أن الحلم سيد الأخلاق، وهو يدل على ضبط النفس وعدم الاستجابة للمستفزات أو المثيرات من الناس أو النفس أو الهوى، وتذكَّر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأشج عبد القيس: "إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الحِلْمُ والأَنَاةُ". أخرجه مسلم (١٧) . فالحلم والأناة من الأخلاق التي يحبها الله في العبد، وهي أجمل وأحسن ما تجمل العبد بها، وهي تسلمه مما يعتذر منه وتحميه من كثير من المشاكل والمواقف المؤسفة، وكم ندم العبد على مواقف غضب فيها، ولم يندم يومًا ما على حلمه وأناته.

ثم اعلم أن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن الغضب، كما في الحديث الصحيح أن رجلًا قال له: أوصني يا رسول الله. فقال له: "لَا تَغْضَبْ". أخرجه البخاري (٦١١٦) .

فاستحضر أنك بغضبك تخالف وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ويمكن أن تستعين في علاج غضبك بطريقتين:

الطريق الأول: الوقاية: وتحصل الوقاية من الغضب قبل وقوعه باجتناب أسبابه، ومن هذه الأسباب التي ينبغي لكل مسلم أن يطهر نفسه منها: الكبر، والإعجاب بالنفس، والافتخار، والتيه، والحرص المذموم، والمزاح في غير مناسبة، أو الهزل وما شابه ذلك.

الطريق الثاني: العلاج إذا وقع الغضب: وينحصر في أربعة أنواع كالتالي:

النوع الأول: الاستعاذة بالله من الشيطان، قال الله تعالى: (وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [سورة الأعراف: ٢٠٠] .

النوع الثاني: الوضوء، عن عطية السعدي، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْغَضَبَ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنْ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ". سنن أبي داود- كتاب الأدب، باب ما يقال عند الغضب- (٤٧٨٤) ومسند أحمد (١٧٩٨٥) .

النوع الثالث: تغير الحالة التي عليها الغضبان، عن أبي ذر، رضي الله عنه، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: "إذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ". سنن أبي داود- كتاب الأدب، باب ما يقال عند الغضب-

(٤٧٨٢) . وجاء عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وإذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ". أخرجه أحمد (٢١٣٦) والبخاري في الأدب المفرد (٢٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>