للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقبل على الله وبادر بالتوبة ولا تقنط من رحمة الله فرحمة الله واسعة، يقول عز شأنه: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر:٥٣] فبادر بالتوبة ولا تلتفت لنداء الشيطان، واصغ لنداء الرحمن، وقف على عتبة التوبة بذل وانكسار، وخضوع وإخبات، وقل يا رب يا غافر الذنب ويا قابل التوب، يا منجي الهلكى، ومنقذ الغرقى، ويا مجيباً لكل دعوى، وسامعاً لكل شكوى، يا من وسعت رحمتك كل شيء، جئت تائباً راجياً نادماً على ما اقترفت يداي، فاقبل توبتي واغفر زلتي، واستر عيبتي، واقض حاجتي، وأقل عثرتي، ولا تكلني لنفسي طرفة عين، يا من تجيب المضطر إذا دعاك، أنا المضطر وأنت المجيب.

واعلم رعاك الله أن المولى - جل وعلا- لم يتعاظمه ذنب أن يغفره، ولا فعل قبيح أن يستره، ولا دعوة أن يجيبها، ولا مسألة أن يردها، فهو سبحانه قاضي الحاجات، ومجيب الدعوات، ومقيل العثرات، وماحي السيئات سبحانه من إله عظيم، ما أحلمه وما أكرمه، وما أجوده وما أجمل ستره على عباده.

لكن عليك أخي الكريم الأخذ بالأسباب ومنها:

(١) البعد عن هذه المواقع بكل عزم وإصرار، والتوكُّل على الله والاستعانة به أن يعينك على ذلك.

(٢) مراقبة الله في السر والعلن، واعلم أن الله مطَّلع عليك ويراك، فاجتهد أن يراك حيث أمرك، ويفتقدك حيث نهاك، واحذره أن يراك وأنت تبارزه بالمعاصي، وقد أنعم عليك بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، فلا يكون ردك لهذا الجميل وهذا الإحسان التعدي على حدود الله وانتهاك محارمه، واعلم بأن الله يغار أن تنتهك محارمه.

(٣) اشغل نفسك بقراءة القرآن وتأكيد حفظك حتى لا يتفلت منك، وكذلك احرص على طلب العلم ومصاحبة أهل الخير من العلماء وطلبة العلم، وليكن لك برنامج دعوي مع أهل بيتك ومع الآخرين.

(٤) أكثر دائماً من ذكر الموت وما فيه من شدائد عظام، ومن ذكر القبر، وما فيه من ظلمة ووحشة وسؤال الملكين، والبعث والنشور، وما فيه من أهوال وشدائد يشيب من أجلها الولدان، والحساب وما فيه من شدة، والصراط وما فيه من حدة، وتذكر منصرف القوم بين يدي الجبار - جل جلاله- فريق في الجنة وفريق في السعير، فأي الفريقين تحب أن تكون منهم.

(٥) كلما دعتك نفسك وشيطانك للمعصية تذكر بأن الله يطلع عليك، وملك الموت واقف ينتظر الأمر من الله ليقبض روحك، فانتبه أن تموت وأنت على هذه الحالة، فالمرء يبعث على ما مات عليه.

(٦) عليك بالمبادرة بالزواج إذا كنت مستطيعاً لذلك، وإن لم تستطع فعليك بالصوم كما أرشد لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.

هذا والله أعلم نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير، ويصرف عنا وإياك كل شر، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>