للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخي قد تغير كثيراً!!

المجيب د. سلمان بن فهد العودة

المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه

التاريخ ١/٨/١٤٢٢

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخي كان في مقتبل عمره طائعاً لله ـ عز وجل ـ وكان مضرب المثل في الالتزام والجد والاجتهاد والنصح، وهو ـ الآن ـ تغير من حاله إلى حال أقل بكثير. فلقد أسبل ثوبه وخفف لحيته جداً!! وأصبح لا يبالي بالدعوة، ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ...الخ

بعد التزامي كنت أؤمل فيه أن يساعدني في الدعوة إلى الله في وسط أهلي (والداي وإخواني) لكن لم أجد له أثراً في ذلك. هو لا يزال ـ ولله الحمد ـ يصلي مع جماعة المسلمين، ويتصدق لمؤسسات دعوية، ولكنه في مجال النصح والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والغيرة على الأعراض وغيرها من العبادات لا تكاد تجد له جهد!

زملاؤه الكثير منهم تجد في مظهره الاستقامة والصلاح، ولكنهم يضيعون أوقاتهم فيما لا فائدة فيه بل ربما فيه ضرر!!

فضيلة الشيخ كيف يمكن أن أتعامل مع هذا الأخ؟ وجهوني بما ترونه. وجزاكم الله خيراً.

الجواب

أخي الكريم، إذا كان من الجميل أن نعود أنفسنا رؤية الجوانب الطيبة في حياة الناس وأحوالهم، فلقد سرني ما ذكرته عن أخيك من محافظته على الصلوات مع جماعة المسلمين؛ فإن هذه علامات الإيمان، إذ لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن، وهذه من شعائر الإسلام الظاهرة العظيمة.

ومثله ما ذكرته من أن أصدقاءه من الملتزمين المحافظين، فإن المرء على دين خليله. أما ما ذكرته من النقص الذي حدث فيه فقد يكون سببه طول العهد مع عدم تجديد الإيمان وصقله، فإن القلوب تمل، ويعتريها من الآفات شيء عظيم، يشبه ما يعرض للثياب من الأوساخ وغيرها، فتحتاج إلى تعاهد، وتجديد وغسل؛ ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم - يقول في استفتاح الصلاة - كما في الصحيحين - من حديث أبي هريرة: اللهم نقني من خطاياي، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.. وقد نعى الله على بني إسرائيل طول العهد، وقسوة القلب فقال: " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:١٦) .

ولم يكن بين إيمان الصحابة، وخطابهم بهذه الآية المكية إلا أربع سنين، كما في الصحيح عن ابن مسعود.

وأعقب هذا بقوله: "اعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها.." إشارة إلى أن يحرصوا على أن تحيا قلوبهم بنور الوحي، كما تحيا الأرض بالمطر النازل من السماء، وألا ييأسوا من روح الله.. بل يسألون الله أن يجدد الإيمان في قلوبهم.

إن الاسترسال وراء متاع الحياة ومباهجها، وشهواتها وملذاتها يشغل القلب ويفتر اللهمة. وإن التوسع في حقول المباحات، والاقتراب من المكروهات يفضي إلى الجراءة على المحرمات القريبة، ثم البعيدة؛ ولهذا جاء عن بعض السلف: اجعل بينك وبين الحرام جنّة من المباح.

<<  <  ج: ص:  >  >>