للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، وحرصك على أمر دينك، وأرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. ونعتذر عن التأخر في الإجابة على سؤالك.. ثم إنك بحاجة إلى أن تتذكر أن الله -سبحانه وتعالى- الذي خلقنا من عدم وأسبغ علينا وافر النعم، وهدانا من ضلالة، وعلّمنا من جهالة، وستر علينا إنه قدر علينا الابتلاء في هذه الحياة، وإنه لا يسلم منه أحد، وفي هذا يقول سبحانه "إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً" [سورة الإنسان: ٢] ، ويقول سبحانه: "ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" [سورة العنكبوت ٢٩/٣] وقال سبحانه: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" [سورة البقرة ٢/٢١٤] وقال سبحانه: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ" [سورة آل عمران ٣/١٤٢] ، وقال سبحانه: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ" [سورة محمد ٤٧/٣١] ، وغيرها كثير من آيات القرآن الكريم التي يذكر الله فيها هذه الحقيقة التي قد تغيب عن الإنسان ويغفل عنها، وأكدها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأقواله، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام كما في المسند (١٥٥٥) وصحيح ابن حبان (٢٩٠٠، ٢٩٢١) وغيرهما بسند صحيح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (يا رسول الله من أشد الناس بلاء؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى العبد على حسب دينه إن كان صلب الدين اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يدعه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة) . وأخرج الترمذي (٢٤٠٢) والبيهقي (٦٣٤٥) عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض". وحياته صلى الله عليه وسلم مليئة بصور الابتلاء فمن فقد أمّه وجدّه ثم عمّه ثم زوجته خديجة، ثم طرده من بلده، ثم صور لا تخفى عليك من صور المعاناة والبلاء العظيم، وقد كان صلى الله عليه وسلم يوعك كما يوعك رجلان منا، انظر ما أخرجه البخاري (٥٣٢٤) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، وقد فقد أبناءه الذكور كلهم في حياته، وكذلك ثلاث من بناته عليه الصلاة والسلام. وهكذا حال صحابته وإخوانه من الأنبياء والمرسلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>