للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: اتباع الهوى]

إنَّ اتباع الهوى من أعظم الأسباب التي أدت إلى انحراف هذه الأمة عن منهجها الصحيح، فنشأت بسببه الأحزاب الضالة، والفرق المنحرفة، وهو من أعظم دواعي الضلال، وأسباب الهلاك، فإنه يهوي بصاحبه إلى الردى والمهالك، حتى يورده إلى النار والعياذ بالله.

وكل مخالف لما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم من العبادات والطاعات والأوامر والنواهي، إنما يكون متبعاً لهواه، ولا يكون متبعاً لدين شرعه الله تبارك وتعالى١.

وقد ذم الله سبحانه وتعالى اتباع الهوى في آيات كثيرة، منها قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} ٢.

قال ابن كثير - رحمه الله: "أي مهما استحسن من شيء ورآه حسناً في هوى نفسه كان دينه ومذهبه" ٣.

وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} ٤.

ونهى المؤمنين عن اتباع الهوى فقال تعالى: {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى} ٥، وقال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} ٦، إلى غير ذلك من الآيات.


١ انظر مجموع الفتاوى، لشيخ الإسلام ابن تيمية، ١٠/١٧٠-١٧١.
٢ سورة الفرقان، الآية (٤٣) .
٣ تفسير ابن كثير، ٣/٣٣٥.
٤ سورة الجاثية، الآية (٢٣) .
٥ سورة النساء، من الآية (١٣٥) .
٦ سورة الجاثية، الآية (١٨) .

<<  <   >  >>