للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عصر البعثة النبوية]

عصر البعثة النبوية

...

[عصر البعثة النبوية]

لا مراء في أن عصر البعثة النبوية عصر ممتاز بين الأعصر الزمنية له في علم الله ميعاد معلوم كسر من أسرار الغيب, حتى يأذن الله بإنزال رسالته على عبده المختار. (ولوددت لو يتسع للقول مجال للحديث عن خصائص عصر النبوة, لكن المحاضرة تضيق عن هذا القصد. حتى الحديث الفائض عن عصر البعثة المحمدية يزيد على حظنا من الوقت. ومن ثم أجتزئ بالكلام عن العام الذي ولد فيه رسول الله صلى الله علية وسلم, لعلنا نظفر بفائدة وحكمه) .

فليس من شك إذن أن الله يختار للنبي عصره, ويؤقت له: ميلاده, ومبعثه, ووفاته. ولقد قال تعالى لموسى عليه السلام بعد أن ذكره بأطوار ماضيه وكلاءته له فيه {ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} ١ وكذلك فإن ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم على قدر وموعد إلهي مع الزمان, وكان عام الفيل الذي ولد فيه عاما حافلا في تاريخ الإنسانية, عاما مليئا بالأحداث الضخام. أقبل فيه أبرهة الأشرم يريد هدم الكعبة بعد أن نجح الأحباش في احتلال اليمن. وكان أبرهة قائداً جلدا طموحا بعيد الأهداف, قد أزمع أن يجعل من اليمن قاعدة ملك له تنطلق منها عساكره للسيطرة على جزيرة العرب سيطرة سياسية وعسكرية واقتصادية, وأن يشد إليه قبائل العرب المتنافرة المتدابرة بخيوط وأوتار يحركها ويضرب عليها كيفما شاء. وأعمل أبرهة الفكر وكان ذا نظرة استعمارية داهية, لا يعوزها شيء من حنكة المتخصصين باستعمار الشعوب في العصر الحديث, فصمم خطته لتحويل العرب تحويلا دينيا يجعل الطريق أمامه معبدا ذللا لتحقيق أغراضه الاستعمارية. وهو أمر لا يختلف في عن الغزو الفكري وأهدافه الذي يستهدف العرب والمسلمين اليوم.

وكان أبرهة نصرانيا فأراد حمل العرب على اعتناق النصرانية بالمكر والسيف, فكان صاحب أول حمله صليبيه في التاريخ على بلاد العرب.

وهذا ما أدركه العرب واضحا


١ سورة طه، الآية: ٤٠

<<  <   >  >>