للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللغَة: {تجلى} انكشف وظهر {شتى} متفرق ومختلف {الحسنى} الكلمة الحسنى وهي كلمة التوحيد {اليسرى} الخصلة المؤدية الى اليسر والراحة وهي الجنة {العسرى} الخصلة المؤدية إلى العسر والشدة وهي جهنم {تردى} هلك وسقط في الهاوية {تلظى} أصلها تتلظى أي تتلهب وتتوقد {يَصْلاَهَآ} يدخلها وياقسي حرها.

المنَاسَبَة: روي أن بلالاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كان عبداً مملوكاً ل «أُمية بن خلف» وكان سيده يعذبه لإِسلامه، ويخرجه إِذا حميت الشمسُ فيطرحه على ظهره ببطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول له: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد! {فيقول وهو في تلك الحالة: أحدٌ، أحدٌ، فمرَّ به أبو بكر الصديق وهم يصنعون به ذلط، فقال لأمية: ألا تتقي الله في هذا المسكين} ! فقال له: أنت أفسدته عليَّ فأنقذه مما ترى، فاشتراه أبو بكرٍ منه وأعتقه في سبيل الله، فقال المشركون: إِنما أعتقه ليدٍ كانت له عنده فنزلت {وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تجزى إِلاَّ ابتغآء وَجْهِ رَبِّهِ الأعلى وَلَسَوْفَ يرضى} .

التفسِير: {والليل إِذَا يغشى} أي أُقسمُ بالليل إِذا غطَّى بظلمته الكون، وستر بشبحه الوجود {والنهار إِذَا تجلى} أي وأُقسمُ بالنهار إِذا تجلَّى وانكشف، وأنار العالم وأضاء الكون قال المفسرون: أقسم تعالى بالليل لأنهسكنٌ لكافة الخلق، يأوي فيه الإِنسان والحيوان إلى مأواه، ويسكن عن الاضطراب والحركة، ثم أقسم بالنهار لأن فيه حركة الخلق وسعيهم إلى اكتساب الرزق، والحكمة في هذا القسم ما في تعاقب الليل والنهار من مصالح لا تُحصى فإِنه لو كان العمر كله ليلاً لتعذر المعاش، ولو كان كله نهاراً لما سكن الإِنسان إلى الراحة، ولاختلت مصالح البشر {وَمَا خَلَقَ الذكر والأنثى} أي وأُقسمُ بالقادر العظيم الذي خلق صنفي الذكر والأنثى، من نطفةٍ إذا تمنى. . أقسم تعالى بذاته على خلق النوعين {الذكر والأنثى} للتنبيه على أنه الخالق المبدع الحكيم، إِذْ لا يُعقل أن هذا التخالف بين الذكر والأنثى يحصل بمحض الصدفة من طبيعة بلهاء لا شعور لها فإِن الأجزاء الأصلية في المنيّ متساوية، فتكوينُ الولد من عناصر واحدة تارةً ذكراً، وتارة أنثى، دليلٌ على أن واضع هذا النظام عالم، بما يفعل، محكم لما يصنع {إِنَّ سَعْيَكُمْ لشتى} هذا هو جواب القسم أي إن عملكم لمختلف، فمنكم تقيٌ ومنكم شقي، ومنكم صالحٌ ومنكم طالح، ثم فسَّره بقوله {فَأَمَّا مَنْ أعطى واتقى} أي فأما من أعطى ماله وأنفق ابتغاء وجه الله، واتقى ربه فكف عن

<<  <  ج: ص:  >  >>