للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنَاسَبَة: لّما ذكر تعالى الوصية عند دنوّ الأجل وأمر بتقوى الله والسمع والطاعة، أعقبه بذكر اليوم المهول المخيف وهو يوم القيامة الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين للجزاء والحساب، ثم ذكر المعجزات التي أيّد بها عبده ورسوله «عيسى» ومنها المائدة من السماء، وختم السورة الكريمة ببراءة السيد المسيح من دعوى الألوهية.

اللغَة: {كَفَفْتُ} منعتُ وصرفتُ ومنه الكفيف لأنه منع الرؤية {أَيَّدتُّكَ} قوّيتك مأخوذ من الأيْد وهو القوة {أَوْحَيْتُ} الوحي: إِلقاء المعنى إلى النفس خفية وهو على أقسام: وحيٌ بمعنى الإِلهام ووحيٌ بمعنى الإِعلام في اليقظة والمنام، ووحيٌ بمعنى إِرسال جبريلَ إِلى الرسل عليهم السلام {مائدة} المائدة: الخُوان الذي عليه الطعام أي السُّفرة فإِن لم يكن عليه طعام فليس بمائدة {الرَّقِيبَ} المراقب الشاهد على الأفعال {أَبَداً} أي بلا انقطاع.

التفِسير: {يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل} أي اذكروا أيها الناس ذلك اليوم الرهيب يوم القيامة حين يجمع الله الرسل والخلائق للحساب والجزاء {فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ} أي ما الذي أجابتكم به أممكم؟ وما الذي ردّ عليكم قومكم حين دعوتموهم إِلى الإِيمان والتوحيد؟ {قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ} أي لا علم لنا إِلى جنب علمك قال ابن عباس: أي لا علم لنا إِلا علم أنت أعلم به منا {إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغيوب} أي تعلم ما لا نعلم ممّا ظهر وبطن قال أبو السعود: وفيه إِظهارٌ للشكوى وردٌ للأمر إِلى علمه تعالى بما لقوا من قومهم من الخطوب وكابدوا من الكروب والتجاءٌ إِلى ربهم في الانتقام منهم {إِذْ قَالَ الله ياعيسى ابن مَرْيَمَ اذكر نِعْمَتِي عَلَيْكَ وعلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ} قال ابن كثير: يذكر تعالى ما منَّ به على عبده ورسوله عيسى بن مريم عليه السلام بما أجراه على يديه من المعجزات وخوارق العادات أي اذكر نعمتي عليك في خلقي إِياك من أمّ بلا ذكر وجعلي إِيّاك آية قاطعة على كمال قدرتي، وعلى والدتك حيث جعلتك برهاناً على براءتها ممّا اتهمها به الظالمون من الفاحشة وقال القرطبي: هذا من صفة يوم القيامة كأنه قال: اذكر يوم يجمع الله الرسل وإِذ يقول لعيسى كذا وذكر بلفظ الماضي {إِذْ قَالَ} تقريباً للقيامة لأن ما هو آتٍ قريب {إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ القدس} أي حين قوّيتك بالروح الطاهرة المقدسة «جبريل» عليه السلام {تُكَلِّمُ الناس فِي المهد وَكَهْلاً} أي تكلّم الناس في المهد صبيّاً وفي الكهولة نبياً {وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل} أي واذكر نعمتي

<<  <  ج: ص:  >  >>