للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

االسرير قَالَ فَدُفِعْتُ وَنُهِرْتُ فَقُلْتُ إِنَّ الرُّسُلَ لَا يُفْعَلُ بِهِمْ هَذَا فَقَالُوا لِي إِنَّمَا أَنْتَ كَلْبٌ أَتَقْعُدُ مَعَ الْمَلِكِ فَقُلْتُ لأَنَا أَشْرَفُ فِي قَوْمِي مِنْ هَذَا فِيكُمْ قَالَ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ اجْلِسْ فَجَلَسْتُ فَتُرْجِمَ لِي قَوْلُهُ فَقَالَ يامعشر الْعَرَبِ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَطْوَلَ النَّاسِ جُوعًا وَأَعْظَمَ النَّاسِ شَقَاءً وَأَقْذَرَ النَّاسِ قَذَرًا وَأَبْعَدَ النَّاسِ دَارًا وَأَبْعَدَهُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ وَمَا كَانَ مَنَعَنِي أَن آمُر هَذِه الأَسَاوِرَةَ حَوْلِي أَنْ يَنْتَظِمُوكُمْ بِالنُّشَّابِ إِلا تَنَجُّسًا لجيفتكم لأنكم أرجاس فَإِن تذْهبُوا يخلى عَنْكُم وَإِن تأبوا نبوئكم مَصَارِعَكُمْ قَالَ الْمُغِيرَةُ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ وَقلت وَالله مَا أَخْطَأت من صفتنا ونعتان شَيْئًا إِنْ كُنَّا لأَبْعَدَ النَّاسِ دَارًا وَأَشَدَّ النَّاسِ جُوعًا وَأَعْظَمَ النَّاسِ شَقَاءً وَأَبْعَدَ النَّاسِ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولا فوعدنا بالنصر فِي الدُّنْيَا وَالْجَنَّةَ فِي الآخِرَةِ فَلَمْ نَزَلْ نتعرف من رَبنَا مذ جائنا روله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَلاح وَالنَّصْرُ حَتَّى أَتَيْنَاكُمْ وَإِنَّا وَاللَّهِ نَرَى لَكُمْ مُلْكًا وَعَيْشًا لَا نَرْجِعُ إِلَى ذَلِكَ الشَّقَاءِ أبدا حَتَّى نغلبكم على مافي أَيْدِيكُمْ أَوْ نُقْتَلَ فِي أَرْضِكُمْ فَقَالَ أَمَّا الْأَعْوَر فقد صدقكُم على الَّذِي فِي نَفْسِهِ فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَقَدْ أَرْعَبْتُ الْعِلْجَ جَهْدِي فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا الْعِلْجُ إِمَّا أَنْ تَعْبُرُوا إِلَيْنَا بِنَهَاوَنْدَ وَإِمَّا أَنْ نَعْبُرَ إِلَيْكُم فَقَالَ النُّعْمَان اعبروا فعبرنا فَقَالَ أَبِي فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ إِنَّ الْعُلُوجَ يَجِيئُونَ كَأَنَّهُمْ جِبَالُ الْحَدِيدِ وَقَدْ تَوَاثَقُوا أَنْ لايفروا من الْعَرَب وَقد قرن بَعضهم على بَعْضٍ حَتَّى كَانَ سَبْعَةٌ فِي قِرَانٍ وَأَلْقَوْا حسك الْحَدِيد خَلفهم وَقَالُوا من فرمنا عَقَرَهُ حَسَكُ الْحَدِيدِ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حِين رأى كثرتهم لم أر كَالْيَوْمِ قَتِيلا إِن عدونا يتركون أَن يتتاموا فَلَا تعجلوا أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الأَمْرَ إِلَيَّ لَقَدْ أعجلتهم قَالَ وَكَانَ النُّعْمَانُ رَجُلا بَكَّاءً فَقَالَ قَدْ كَانَ الله جلّ وَعز يشهدك أَمْثَالهَا فَلَا يخزيك وَلَا تعدى موقفك وَإِنِّي وَالله مَا يَمْنعنِي أَن أناجزهم إِلَّا لشيئ شَهِدْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذا غزا فَلم يُقَاتل أول النهارلم يُعَجِّلْ حَتَّى تَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ وَتَهُبَّ الأَرْوَاحُ وَيَطِيبَ الْقِتَالُ ثُمَّ قَالَ النُّعْمَانُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَن تقر عَيْني بِيَوْم يَكُونُ فِيهِ عِزُّ الإِسْلامِ وَأَهْلِهِ وَذُلُّ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ ثُمَّ اخْتِمْ لِي عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ بِالشَّهَادَةِ ثمَّ قَالَ أمنُوا رحمكم الله فأمنا وَبكى فبكينا فَقَالَ النُّعْمَان إِنِّي هاز لِوَائِي فيسروا السِّلَاح ثمَّ هازها الثَّانِيَة فكونوا متيسرين لقِتَال عَدوكُمْ بإزائكم فَإِذا هززتها الثَّالِثَة فليحمل

<<  <   >  >>