للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و «إلاَّ بإذنه» متعلقٌ بمحذوفٍ، لأنه حالٌ من فاعلِ «يَشْفَع» فهو استثناءٌ مفرَّغ، والباءُ للمصاحبةِ، والمعنى: لا أحدَ يشفعُ عندَه إلاَّ مأذوناً له منه، ويجوزُ أن يكونَ مفعولاً به أي: بإذنه يَشْفعون كما تقول: «ضَرَب بسيفه» أي هو آلةٌ للضربِ، والباءُ للتعديةِ.

و «يَعْلَمُ» هذه الجملةُ يجوز أن تكونَ خبراً لأحدِ المبتدأين المتقدمين أو استئنافاً أو حالاً. والضميرُ في «أيديهم» و «خلفهم» يعودُ على «ما» في قوله: {لَّهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض} إنه غَلَّبَ مَنْ يعقِلُ على غيرِه. وقيل: يعودُ على العُقَلاء ممَّن تضمَّنه لفظُ «ما» دونَ غيرِهم. وقيل: يعودُ على ما دَلَّ عليه «مَنْ ذا» من الملائكةِ والأنبياء. وقيل: من الملائكة خاصةً.

قوله: {بِشَيْءٍ} متعلِّقٌ بيحيطون. والعلمُ هنا بمعنى المَعْلوم لأنَّ عِلْمَه تعالى الذي هو صفةٌ قائمةٌ بذاتِه المقدَّسة لا يتبعَّضُ، ومِنْ وقوعِ العلم موقعَ المعلوم قولُهم: «اللهم اغفر لنا عِلْمَك فينا» وحديثُ موسى والخَضِر عليهما السلام «ما نَقَص عِلْمي وعلمُك من عِلمه إلاَّ كما نَقَص هذا العصفورُ من هذا البحر» ولكونِ العلمِ بمعنى المعلومَ صَحَّ دخولُ التبعيضِ، والاستثناءُ عليه. و «مِنْ علمه» يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بيحيطون، وأَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ لأنه صفةٌ لشيء، فيكونَ في محلَّ جر. و «بما شاءَ» متعلِّقٌ بيُحيطون أيضاً، ولا يَضُرُّ تعلُّقُ هذين الحرفين المتَّحدين لفظاً ومعنىً بعاملٍ واحدٍ؛ لأنَّ الثاني ومجروره بدلان من الأوَّلَيْن بإعادةِ العاملِ بطريقِ الاستثناءِ، كقولك: «ما مررت بأحدٍ إلا بزيدٍ» ومفعولُ «شاء» محذوفٌ تقديرُه: إلا بما شاء أن يُحيطوا به، وإنما قَدَّرتُه كذلك لدلالةِ قوله: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>