للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتقديرُ: وما الدهرُ إلاَّ يدورُ دورانَ منجنون، فحُذِفَ الفعلُ الناصبُ ل «دوران» ، ثم حُذِفَ المضافُ وأُقيم المضافُ إليه مُقامه في الإِعراب، وكذا «إلا معذباً» تقديره: يُعَذَّب تعذيباً، فَحُذِفَ الفعل وأُقيم «مُعَذَّباً» مُقامَ «تَعْذيب» كقولِه: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: ١٩] أي: كلَّ تمزيق، وكذا «إلا نكالاً» وفيه التكلُّفِ ما ترى.

قوله: {قَدْ خَلَتْ} في هذه الجملةِ وجهان، أظهرهما: أنها في محلِّ رفعٍ صفةً ل «رسولِ» . والثاني: أنها في محل نصب على الحال من الضمير المستكنِّ في «رسول» ، وفيه نظرٌ لجريانِ هذه الصفةِ مَجْرى الجوامد فلا تتحمَّل ضميراً.

و «من قبله» : فيه وجهان أيضاً، أحدهما: أنه متعلِّقٌ ب «خَلَتْ» . والثاني: أنه متعلق بمحذوفٍ على أنه حال من «الرسل» مُقَّدَماً عليها، وهي حينئذٍ حالٌ مؤكدة، لأنَّ ذِكْرَ الخلوِّ يُشْعِرُ بالقبلية. وقرأ ابن عباس: «رسُل» بالتنكير. قال أبو الفتح: «ووجهُها أنه موضعُ تبشيرٍ لامر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أمر الحياة ومكانُ تسوية بينه وبين البشر في ذلك، وهكذا يُفْعل في أماكن الاقتصاد نحو: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور} [سبأ: ١٣] {وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} [هود: ٤٠] وقال أبو البقاء:» وهو قريب من معنى المعرفة «كأنه يُريدُ أنَّ المرادَ بالرسلِ الجنسُ، فالنكرةُ قريبةٌ منه بهذه الحيِثِيَّةِ، وقراءةُ الجمهور أَوْلى لأنَّها تَدُلُّ على تفخيمِ الرسل وتعظيمِهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>