للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصف عيسى بالكلمة: المكونُ بالكلمة من غير أب، فكأنه قال: ومنشؤه ومبتدعُه. والثاني: أن يكون التقدير: إذ كان ألقاها، ف» إذا «ظرفُ زمانٍ مستقبل، و» كان «تامة، وفاعلها ضمير الله تعالى. و» ألقاها «حالٌ من ذلك الفاعل، وهو كقولهم:» ضربني زيداً قائماً «والثالث: أن يكونَ حالاً من الهاء المجرورة، والعاملُ فيها معنى الإِضافة تقديره: وكلمةُ اللَّهِ مُلْقِياً إياها» انتهى. أمّا جعله العاملَ معنى «كلمة» فصحيح، لكنه لم يبين في هذا الوجه من هو صاحبُ الحال؟ وصاحبُ الحال الضميرُ المستتر في «كَلِمتُه» العائدُ على عيسى لم تَضمَّنَتْه من معنى المشتق نحو: «مُنشَأ ومُبتدَع» ، وأمّا جَعْلُه العاملَ معنى الإِضافة فشيء ضعيف، ذهب إليه بعض النحويين. وأمَّا تقديرُه الآيةَ بمثل «ضربي زيدا قائماً» ففاسد من حيث المعنى. والله أعلم.

و «روحٌ» عطفٌ على «كلمة» و «منه» صفة ل «روح» ، و «من» لابتداء الغاية مجازاً، وليست تبعيضيةً. ومن غريب ما يحكى أن بعض النصارى ناظَرَ علي بن الحسين بن واقد المروزي وقال: «في كتاب الله ما يَشْهد أنَّ عيسى جزءٌ من الله» وتلا: «وروح منه» ، فعارضه ابن واقد بقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السموات وَمَا فِي الأرض جَمِيعاً مِّنْهُ} [الجاثية: ١٣] ، وقال: «يلزم أن تكون تلك الأشياء جزءاً من الله تعالى وهو مُحالٌ بالاتفاق» فانقطع النصراني وأسلم.

و «ثلاثةٌ» خبر مبتدأ مضمر، والجملة من هذا المبتدأ والخبر في محل نصب بالقول أي: ولا تقولوا: «آلهتنا ثلاثةٌ» يدلُّ عليه قوله بعد ذلك: {إِنَّمَا الله إله وَاحِدٌ} وقيل: تقديره: الأقانيمُ ثلاثة أو المعبود ثلاثة.

وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>