للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: أنهم يَذِلُّون ويَخْضَعُون لِمَنْ فُضِلوا عليه مع شَرَفِهم وعلوِّ مكانتِهم» وذَكَر آية الفتح. قتل: وهذا هو قولُ الزمخشري بعينِه، إلا أنَّ قولَه «على حَذْفِ مضاف» يُوهم حذفَه وإقامةَ المضافِ إليه مُقامه، وهنا حَذَ ف «على» الأولى وحَذَفَ المضافَ والمضافَ إليه معاً، ولا أدري ما حَمَله على ذلك؟

ووقع الوصفُ في جانب المحبة بالجملةِ الفعلية لأنَّ الفعلَ يَدُلُّ على التجدُّدِ والحدوثِ، هو مناسبٌ فإنَّ محبَّتهم للهِ تعالى تُجَدِّدُ طاعاتِه وعبادتَه كلَّ وقتٍ، ومحبةُ اللهِ إياهم تُجَدِّدُ ثوابَه وإنعامَه عليهم كل وقت. ووقع الوصفُ في جانبِ التواضعِ للمؤمنين والغِلْظَةِ على الكافرين بالاسم الدالِّ على المبالغة دلالةً على ثبوتِ ذلك واستقراره وأنه عزيزٌ فيهم، والاسمُ يَدُلُّ على الثبوتِ والاستقرارِ، وقَدَّم الوصفَ بالمحبة منهم ولهم على وصفِهم بأذلَّة وأَعِزِّة لأنهما ناشِئتان عن المحبتين، وقَدَّم وصفَهم المتعلِّق بالمؤمنين على وصْفِهم المتعلق بالكافرين لأنه آكدُ وألزمُ منه، ولشرفِ المؤمنِ أيضاً.

والجمهورُ على جَرِّ «أَذِلَّة - أَعِزَّة» على الوصفِ كما تقدم، قال الزمخشري: «وقُرئ» أَذِلَّةً وأَعِزِّةً «بالنصبِ على الحال» قلت: الذي قرأ «أَذِلَّة» هو عبد الله بن مسعود، إلا أنه قرأ بدل «أعزة» : «غُلَظاءَ على الكافرين» وهو تفسيرٌ، وهي حالٌ من «قوم» وجاز ذلك وإن كان «قوم» نكرةً لقُرْبِه من المعرفة إذ قد تخصَّص بالوصف.

قوله تعالى: {يُجَاهِدُونَ} يحتمل ثلاثة أَوجه، أحدها: أن يكونَ صفةً أخرى ل «قوم» ولذلك جاء بغيرِ واو، كما جاءَتِ الصفتان قبلَه بغيرها. الثاني: أنه في محلِّ نصبٍ على الحال من الضمير المسكن في «أعزة» أي: يَعُزُّون مجاهدين، قالَه أبو البقاء، وعلى هذا فيجوزُ أن تكونَ حالاً من الضمير في «

<<  <  ج: ص:  >  >>