للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الزمخشري:» ولو أُريد بالعذاب ما يُعَذَّب به لكان لا بد من الباء «قلت: إنما قال ذلك لأنَّ إطلاقَ العذاب على ما يُعَذَّب به كثير، فخاف أن يُتَوهَّم ذلك، وليس لقائلٍ أن يقولَ: كان الأصلُ: بعذاب، ثم حَذَفَ الحرف فانتصب المجرورُ به، لأنَّ ذلكَ لم يَطَّرِدْ إلاَّ مع» أَنْ «بشرطِ أَمْنِ الَّبْسِ.

قوله: {لاَّ أُعَذِّبُهُ} الهاءُ فيها ثلاثة أوجه، أظهرها: أنها عائدة على» عذاب «الذي تقدم أنه بمعنى التعذيب، التقدير: فإني أعذَّبه تعذيباً لا أعذِّبُ مثلَ ذلك التعذيب أحداً، والجملة في محلِّ نصب صفة ل» عذاباً «وهذا وجه سالم من تَكَلُّفٍ ستراه في غيره. ولَمَّا ذكره أبو البقاء هذا الوجه - أعني عودَها على» عذاباً «المتقدم - قال:» وفيه على هذا وجهان، أحدُهما: على حَذْفِ حرف الجر، أي: لا أعذب به أحداً، والثاني: أنه مفعولٌ به على السَّعة. قلت: أمَّا قوله «حُذِف الحرف» فقد عرفت أنه لا يجوز إلا فيما استثني. الثاني من أوجه الهاء: أنها تعود على «مَن» المتقدمة في قوله: {فَمَن يَكْفُرْ} والمعنى: لا أعذَّبُ مثلَ عذاب الكافر أحداً، ولا بد من تقدير هذين المضافين ليصِحَّ المعنى. قال أبو البقاء في هذا الوجه: «وفي الكلام حذفٌ أي: لا أعذب الكافر أي: مثل الكافر، أي: مثل عذاب الكافر» الثالث: أنها ضمير المصدر المؤكد نحو: «ظَنَنْتُهُ زيداً قائماً» ولَمَّا ذكر أبو البقاء هذا الوجهَ اعترض على نفسِه فقال: «فإنْ قلت:» لا أعذِّبه «صفةٌ ل» عذاب «وعلى هذا التقدير لا يعودُ من الصفة على الموصوف شيءٌ.

قيل: إنَّ الثاني لما كان واقعاً موقعَ المصدرِ والمصدرُ جنس و «عذاباً» نكرةٌ كان الأول داخلاً في

<<  <  ج: ص:  >  >>