للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا} : اختلف الناس في «ثم» في هذين الموضعين: فمنهم مَنْ لم يلتزم فيها ترتيباً وجعلها بمنزلة الواو فإنَّ خَلْقَنا وتصويرَنا بعد قوله تعالى للملائكة «اسجدوا» . ومنهم مَنْ قال: هي للترتيب لا في الزمان بل للترتيب في الإِخبار، ولا طائل في هذا. ومنهم من قال: هي للترتيب الزماني وهذا هو موضوعُها الأصلي. ومنهم مَنْ قال: الأولى للترتيب الزماني والثانية للترتيب الإِخباري. واختلفت عبارة القائلين بأنها للترتيب في الموضعين فقال بعضهم: إنَّ ذلك على حذف مضافين، والتقدير: ولقد خلقنا آباءكم ثم صَوَّرْنا آباءكم ثم قلنا، ويعني بأبينا آدم عليه السلام. والترتيب الزماني هنا ظاهر بهذا التقدير. وقال بعضهم: الخطاب في «خلقناكم وصوَّرناكم» لآدم عليه السلام وإنما خاطبه/ بصيغة الجمع وهو واحد تعظيماً له ولأنه أصلُ الجميع، والترتيب أيضاً واضح.

وقال بعضهم: المخاطبُ بنو آدم والمراد به أبوهم، وهذا من باب الخطاب لشخصٍ والمرادُ به غيره كقوله: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ} إلى آخره، وإنما المُنَجَّى والذي كان يُسامُ سُوءَ العذاب أسلافُهم. وهذا مستفيضٌ في لسانهم. وأنشدوا على ذلك قوله:

٢١٤٤ - إذا افتخرَتْ يوماً تميمٌ بقوسها ... وزادَتْ على ما وطَّدَتْ مِنْ مناقب

فأنتم بذي قارٍ أمالَتْ سيوفُكمْ ... عروشَ الذين استرهنوا قوسَ حاجبِ

وهذه الوقعةُ إنما كانت في أسلافهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>