للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابتدأ عز وجل خبراً آخر بِذِكْرِ ما يقوله المشركون يوم القيامة فقال تعالى: {شَهِدْنا} بمعنى نشهد كما قال الحطيئة:

٢٣٣٥ - شَهِدَ الحطيئةُ حين يلقى ربَّه ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أي: يشهد، فيكون تأويله «يَشْهد أن تقولوا» .

وقرأ أبو عمرو «يقولوا» في الموضعين بالغَيْبة جرياً على الأسماء المتقدمة، والباقون بالخطاب، وهذا واضحٌ على قولنا إنَّ «شَهِدْنا» مُسْندٌ لضمير الله تعالى. وقيل: على قراءة الغيبة يتعلَّق «أَنْ يقولوا» بأشهدهم، ويكون «قالوا شهدنا» معترضاً بين الفعلِ وعلَّته، والخطابُ على الالتفات فيكون الضميران لشيء واحد. وهل هذا من باب الحقيقة وأن الله أخرج الذرية من ظهره بأَنْ مَسَح عليه فخرجوا كالذَّرِّ وأَنْطَقهم فشهدوا الكلُّ بأنه ربهم، فالمؤمنون قالوه حقيقةً في الأَزَل والمشركون قالوه تقيَّةً، وعلى هذا جماعةٌ كثيرة، أو من باب التمثيل، قاله جماعة منهم الزمخشري، وجعله كقوله تعالى: {ائتيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ} [فصلت: ١١] ، وقولِ الشاعر:

٢٣٣٦ - إذ قالت الأَنْساع للبطن الحَقِي ...

<<  <  ج: ص:  >  >>