للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ماضٍ محقَّقُ هناك فاحتجْنا إلى تقديرِ جوابٍ، وأمَّا هنا فالهدايةُ منهم لم تقعْ بعدُ فهي مستقبلةٌ معنىً وإن أُبْرِزَتْ في لفظِ المُضِيّ.

قوله: {فِي شِقَاقٍ} خبرٌ لقوله:» هم «وجَعَلَ الشِّقاقَ ظرفاً لهم وهم مظروفون له مبالَغَةً في الإِخبارِ باستعلائِه عليهم، وهو أَبْلَغُ مِنْ قولِك هم مُشاقُّون، ومثلُه: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ} [الأعراف: ٦٦] ونحوُه: والشِّقاقُ مصدرٌ من شاقَّه يُشاقُّه نحو: ضاربه ضِراباً، ومعناه المخالَفَةُ والمُعَادَاةُ، وفي اشتقاقِه ثلاثةُ أقوالٍ، أحدُها: أنه من الشِّقِّ وهو الجانبُ.

وذلك أن أحد المُشاقِّين يَصير في شِقِّ صاحبِه/ أي: جانبِه، قال امرؤ القيس:

٧٤٩ - إذا ما بَكَى مِنْ خَلْفِها انْصَرَفَتْ له ... بشِقًّ وشِقٌّ عندَنا لم يُحَوَّلِ

أي: بجانبٍ. الثاني: أنه من المَشَقَّة فإنَّ كلاً منهما يَحْرِصُ على ما يَشُقُّ على صاحبِه. الثالث: أنَّه من قولهم: «شَقَقْتُ العَصا بيني وبينك» وكانوا يفعلون ذلك عند تَعادِيهم، والفاءُ في قولهِ: «فَسَيَكْفِيكَهُم» تُشْعِرُ بتعقيبِ الكفاية عَقِبَ شِقاقهم. وجيءَ بالسينِ دونَ سوف لأنها أقربُ منها زماناً بوَضْعِها، ولا بُدَّ من حذفِ مضافٍ أي: فسيكفيكَ شِقاقَهم؛ لأنَّ الذواتِ لا تُكْفى إنما تُكْفَى أفعالُها، والمَكْفِيُّ به هنا محذوفٌ أي: بمَنْ يَهْدِيه الله أو بتفريق كلمتِهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>