للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرابع: أنه ما فُهِم مِنْ سياقِ الكلامِ. قال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: بأيِّ شيءٍ اتَّصل قولُه: {حتى إِذَا فُزِّعَ} ولأيِّ شيء وقعت» حتى «غايةً؟ قلت: بما فُهِم من هذا الكلامِ مِنْ أَنَّ ثَمَّ انتظاراً للإِذْنِ وتوقُّفاً وتمهُّلاً وفَزَعاً مِن الراجين للشفاعةِ والشفعاءِ هل يُؤْذَنُ لهم، أو لا يُؤْذَن؟ وأنه لا يُطْلَقُ الإِذنُ إلاَّ بَعْد مَلِيٍّ من الزمان وطولٍ من التربُّصِ. ودَلَّ على هذه الحالِ قولُه: [تعالى {رَّبِّ السماوات} إلى قوله: {إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَقَالَ صَوَاباً} [النبأ: ٣٧-٣٨] فكأنه قيل: يَتَرَبَّصون ويتوقَّفون مَلِيَّاً فَزِعينَ وَهِلين، حتى إذا فُزِّعَ عن قلوبِهم أي: كُشِفَ الفَزَعُ عن قلوبِ الشافعين والمشفوعِ لهم بكلمةٍ يتكلم بها ربُّ العزةِ في إطلاقِ الإِذن، تباشروا بذلك، وسأل بعضُهم بعضاً: ماذا قال ربُّكم قالوا: الحق. أي: القولَ الحقَّ وهو الإِذنُ بالشفاعةِ لِمَنْ ارْتَضَى» .

وقرأ ابنُ عامر «فَزَّع» مبنياً للفاعل. فإنْ كان الضميرُ في «قلوبهم» للملائكةِ فالفاعلُ في «فَزَّع» ضميرُ اسمِ الله تعالى لتقدُّم ذِكْرِه. وإن كان للكفارِ فالفاعلُ ضميرُ مُغْوِيْهم. كذا قال الشيخ. والظاهر أنه يعودُ على الله مطلقاً. وقرأ الباقون مبنيَّاً للمفعول. والقائمُ مقامَ الفاعلِ الجارُّ بعده. وفَعَّل بالتشديد معناها السَّلْبُ هنا نحو: قَرَّدْتُ البعيرَ أي: أَزَلْتُ قُراده، كذا هنا أي: أزالَ الفَزَعَ عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>