للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ) فِي نَحْوِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَالْقُنُوتِ؛ لِأَنَّهُ نَازِلَةٌ كَمَا مَرَّ وَأَعْقَابَ الصَّلَوَاتِ وَمَنْ زَعَمَ نَدْبَ قَوْلِ هَذَا فِي خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَدْ أَبْعَدَ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَمْ تَرِدْ بِهِ وَلَا دَخَلَ حِينَئِذٍ وَقْتُ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَعِبَارَةُ الْأُمِّ صَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَاهُ وَفِي أَنَّهُ لَا يُسَنُّ هُنَا خُرُوجٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا تَحْوِيلُ رِدَاءٍ (رَفْعَهُ) فَيَقُولُوا نَدْبًا مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا» ) بِفَتْحِ اللَّامِ «وَلَا عَلَيْنَا» ) أَيْ اجْعَلْهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالْمَرَاعِي الَّتِي لَا يَضُرُّهَا لَا الْأَبْنِيَةِ وَالطُّرُقِ فَالثَّانِي بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِالْأَوَّلِ لِشُمُولِهِ لِلطُّرُقِ الَّتِي حَوَالَيْهِمْ اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، وَالْآكَامِ بِالْمَدِّ جَمْعُ أُكُمٍ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ أَكَامٍ كَكِتَابٍ جَمْعُ أَكَمٍ بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ أَكَمَةٍ وَهِيَ دُونَ الْجَبَلِ وَفَوْقَ الرَّابِيَةِ، وَالظِّرَابُ بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَوَهِمَ مَنْ قَالَ بِالضَّادِ السَّاقِطِ جَمْعُ ظَرِبٍ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ وَأَفَادَتْ الْوَاوُ أَنَّ طَلَبَ الْمَطَرِ حَوَالَيْنَا الْقَصْدُ مِنْهُ بِالذَّاتِ وِقَايَةُ أَذَاهُ فَفِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ اجْعَلْهُ حَوَالَيْنَا لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْنَا وَفِيهِ تَعْلِيمُنَا لِأَدَبِ هَذَا الدُّعَاءِ حَيْثُ لَمْ يُدْعَ بِرَفْعِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَاجُ لِاسْتِمْرَارِهِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْأَوْدِيَةِ وَالْمَزَارِعِ فَطَلَبَ مَنْعَ ضَرَرِهِ وَبَقَاءَ نَفْعِهِ وَإِعْلَامُنَا بِأَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ أَنْ لَا يَتَسَخَّطَ بِعَارِضٍ قَارَنَهَا بَلْ يَسْأَلَ اللَّهَ رَفْعَهُ وَإِبْقَاءَهَا وَبِأَنَّ الدُّعَاءَ بِرَفْعِ الْمُضِرِّ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ وَالتَّفْوِيضَ (وَلَا يُصَلِّي لِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَمْ يُؤَثِّرْ غَيْرُ الدُّعَاءِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْبَابِ الصَّلَاةُ لِذَلِكَ فُرَادَى

(بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ) (إنْ تَرَكَ) مُكَلَّفٌ عَالِمٌ أَوْ جَاهِلٌ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلِهِ لِكَوْنِهِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَلَا يُخْرِجُهُ الْجَحْدُ الَّذِي هُوَ إنْكَارُ مَا سَبَقَ عِلْمُهُ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ صَيَّرَهُ فِي حُكْمِ الْعَالِمِ (الصَّلَاةَ) الْمَكْتُوبَةَ الَّتِي هِيَ إحْدَى الْخَمْسِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لِهَذِهِ لَا غَيْرُ

ــ

[حاشية الشرواني]

نُدِبَ قَوْلُ هَذَا) أَيْ دُعَاءُ الرَّفْعِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَلَا دَخَلَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا صَلَاةٌ) أَيْ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ (قَوْلُهُ: فَيَقُولُوا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ يَسْأَلُوا اللَّهَ إلَخْ وَقَوْلُهُ نَدْبًا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ قَوْلُ الْمَتْنِ «حَوَالَيْنَا» ) أَيْ أَنْزِلْ الْمَطَرَ حَوَالَيْنَا أَيْ الْجِهَاتُ الَّتِي تُحِيطُ بِنَا «وَلَا عَلَيْنَا» ) أَيْ وَلَا تَنْزِلْهُ عَلَيْنَا أَوْ لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْنَا فَتَكُونُ الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ شَيْخُنَا وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ «حَوَالَيْنَا» مُثَنَّى مُفْرَدُهُ حَوَالٌ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ مُفْرَدٌ أَيْ عَلَى صُورَةِ الْجَمْعِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ وَقَالَ شَيْخُنَا حَوَالَيْنَا جَمْعُ حَوَالٍ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ التَّثْنِيَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَالثَّانِي) أَيْ «وَلَا عَلَيْنَا» (وَقَوْلُهُ: بِالْأَوَّلِ) أَيْ وَحَوَالَيْنَا (وَقَوْلُهُ: لِشُمُولِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ) إلَى أَفَادَتْ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْبَابِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَالْآكَامِ إلَى وَأَفَادَتْ (قَوْلُهُ: جَمْعُ أَكَمَةٍ) أَيْ بِفَتْحَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الدُّعَاءِ الْوَارِدِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: لِأَدَبِ هَذَا الدُّعَاءِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظَةِ هَذَا كَمَا فَعَلَهُ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ: وَإِعْلَامُنَا) عَطْفٌ عَلَى تَعْلِيمِنَا (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يُؤْثَرْ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَرِدْ.

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالنِّهَايَةِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَنَّهَا تُسَنُّ لِنَحْوِ الزَّلْزَلَةِ فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا نَحْوُهَا فَيُحْمَلُ ذَلِكَ أَيْ وَلَا يُصَلَّى إلَخْ عَلَى أَنَّهُ لَا تُشْرَعُ الْهَيْئَةُ الْمَخْصُوصَةُ اهـ.

وَفِي الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ خِيفَ الْغَرَقُ بِزِيَادَةِ النِّيلِ مَثَلًا أَوْ ضَرَرُ دَوَامِ الْغَيْمِ أَوْ انْحَبَسَتْ الشَّمْسُ سَأَلُوا اللَّهَ إزَالَتَهُ بِلَا صَلَاةٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ اهـ أَيْ بِالْهَيْئَةِ السَّابِقَةِ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فُرَادَى) أَيْ وَيَنْوِي بِهَا نِيَّةَ رَفْعِ الْمَطَرِ ع ش وَحَلَبِيٌّ.

(خَاتِمَةٌ)

رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قُلْت لِأَبِي بَكْرٍ الْوَرَّاقِ عَلِّمْنِي شَيْئًا يُقَرِّبُنِي إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُقَرِّبُنِي مِنْ النَّاسِ فَقَالَ أَمَّا الَّذِي يُقَرِّبُك إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَمَسْأَلَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يُقَرِّبُك مِنْ النَّاسِ فَتَرْكُ مَسْأَلَتِهِمْ ثُمَّ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» ثُمَّ أَنْشَدَ

اللَّهُ يَغْضَبُ إنْ تَرَكْت سُؤَالَهُ ... وَبُنَيُّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ

مُغْنِي

[بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ]

(بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ) أَيْ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ أَصَالَةً جَحْدًا أَوْ غَيْرَهُ وَتَقْدِيمُهُ هُنَا عَلَى الْجَنَائِزِ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ أَلْيَقُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْهَا وَمِنْ ذِكْرِهِ فِي الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ الْعَيْنِيَّةِ فَنَاسَبَ ذِكْرُهُ خَاتِمَةً لَهَا ع ش (قَوْلُهُ: مُكَلَّفٌ) إلَى قَوْلِهِ: فَإِنَّهُمَا شَرَطَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ وُجُوبُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ لِآيَةِ {فَإِنْ تَابُوا} [التوبة: ٥] وَقَوْلَهُ: دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذُكِرَ وَقَوْلَهُ: وَيَلْحَقُ إلَى بِخِلَافِ مَا (قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلٌ لَمْ يُعْذَرْ) أَيْ أَمَّا مَنْ أَنْكَرَهُ جَاهِلًا لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ كَمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا ثُمَّ أَفَاقَ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ فَلَيْسَ مُرْتَدًّا بَلْ يُعَرَّفُ الْوُجُوبَ، فَإِنْ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ صَارَ مُرْتَدًّا مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَلَا يُقَرُّ مُسْلِمٌ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ عَمْدًا إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَبَهَ صَغِيرٌ مُسْلِمٌ بِصَغِيرٍ كَافِرٍ ثُمَّ بَلَغَ وَلَمْ يُعْلَمْ الْمُسْلِمُ مِنْهُمَا وَلَا قَافَةَ وَلَا انْتِسَابَ وَلَا يُؤْمَرُ أَحَدٌ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ شَهْرًا فَأَكْثَرَ إلَّا الْمُسْتَحَاضَةُ الْمُبْتَدَأَةُ إذَا ابْتَدَأَ الضَّعِيفُ ثُمَّ أَقْوَى مِنْهُ ثُمَّ أَقْوَى مِنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَيْنَ أَظْهُرِنَا) أَيْ بَيْنَنَا ظَاهِرًا كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُخْرِجُهُ) أَيْ الْجَاهِلَ سم أَيْ عَنْ حُكْمِ الْعَالِمِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: الْجَحْدُ) أَيْ الْآتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَوْنَهُ) أَيْ الْجَاهِلِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَخْفَى) أَيْ وُجُوبُ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: صَيَّرَهُ فِي حُكْمِ الْعَالِمِ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: الْمَكْتُوبَةَ) أَيْ أَمَّا تَارِكُ الْمَنْذُورَةِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَرَحْمَتِهِ بِأَنْ يَقُولَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَنَوْءِ كَذَا بَلْ الْإِيهَامُ فِي الِاقْتِصَارِ أَقْوَى، فَإِذَا لَمْ يَحْرُمْ فَلَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بِالْأَوْلَى خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْجَمْعُ أَخْذًا مِنْ حُرْمَةِ الْجَمْعِ فِي بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ وَمِمَّا يُبْطِلُ هَذَا الْأَخْذَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ ثَمَّ عَلَى اسْمِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ بِسْمِ مُحَمَّدٍ حَرُمَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِاقْتِصَارِ وَالْجَمْعِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) جَرَى عَلَيْهِ مَرَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ) (قَوْلُهُ: وَلَا يُخْرِجُهُ) أَيْ الْجَاهِلَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>