للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِيهِ نَظَرٌ وَدَعْوَى ذَلِكَ التَّضَمُّنِ مَمْنُوعَةٌ وَمِنْ ثَمَّ خَالَفَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَأَفْتَى بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِإِطْعَامِ الْمُعَزِّينَ وَأَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَبَالَغَ فَنَقَلَهُ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَعَلَيْهِ فَالتَّقْيِيدُ بِالْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فِي كَلَامِهِمْ لَعَلَّهُ لِلْأَفْضَلِ فَيُسَنُّ فِعْلُهُ لَهُمْ أَطْعِمُوا مَنْ حَضَرَهُمْ مِنْ الْمُعَزِّينَ أَمْ لَا أَمْرٌ مَا دَامُوا مُجْتَمَعِينَ وَمَشْغُولِينَ لَا لِشِدَّةِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْحُزْنِ ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فِي غَيْرِ مَا اُعْتِيدَ الْآنَ أَنَّ أَهْلَ الْمَيِّتِ يَعْمَلُ لَهُمْ مِثْلَ مَا عَمِلُوهُ لِغَيْرِهِمْ فَإِنَّ هَذَا حِينَئِذٍ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي النُّقُوطِ فَمَنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَهُمْ يَفْعَلُهُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا وَحِينَئِذٍ لَا تَتَأَتَّى هُنَا كَرَاهَتُهُ وَلَا يَحِلُّ فِعْلُ مَا لِلنَّائِحَاتِ أَوْ الْمُعَزِّينَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَيْسَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ وَلَا غَائِبٌ وَإِلَّا أَثِمُوا وَضَمِنُوا وَالذَّبْحُ عَلَى الْقَبْرِ قَالَ بَعْضُهُمْ مِنْ صَنِيعِ الْجَاهِلِيَّةِ اهـ وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَيْضًا

(فَائِدَةٌ) وَرَدَ أَنَّ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَتَهَا أَمِنَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ إنْ صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ إذْ مِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ شَيْخُنَا يُسْأَلُ مَنْ مَاتَ بِرَمَضَانَ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ

(كِتَابُ الزَّكَاةِ) هِيَ لُغَةً: التَّطْهِيرُ وَالْإِصْلَاحُ وَالنَّمَاءُ وَالْمَدْحُ، وَشَرْعًا: اسْمٌ لِمَا يَخْرُجُ عَنْ مَالٍ أَوْ بَدَنٍ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُجُودِ تِلْكَ الْمَعَانِي كُلِّهَا فِيهِ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا الْكِتَابُ نَحْوُ {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ لَا عَامَّةٌ، وَلَا مُطْلَقَةٌ وَيُشْكِلُ عَلَيْهَا آيَةُ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْأَظْهَرَ فِيهَا مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ أَنَّهَا عَامَّةٌ مَخْصُوصَةٌ مَعَ اسْتِوَاءِ كُلٍّ مِنْ الْآيَتَيْنِ لَفْظًا؛ إذْ كُلٌّ مُفْرَدٌ مُشْتَقٌّ

ــ

[حاشية الشرواني]

جِيرَانِ أَهْلِ الْمَيِّتِ لَهُمْ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي مَأْخُوذِ الْجَمْعِ نَظَرٌ كُرْدِيٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ فَعَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَأَفْتَى إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلْمُخَالَفَةِ.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ الْإِفْتَاءِ الْمَذْكُورِ هَذَا ظَاهِرُ صَنِيعِهِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ وَجْهُ تَفْرِيعِ مَا بَعْدَهُ عَلَى الْإِفْتَاءِ الْمَذْكُورِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ فَعَلَ إلَخْ وَهُوَ الْأَقْرَبُ مَعْنًى (قَوْلُهُ فَالتَّقْيِيدُ إلَخْ) أَيْ الْمَارُّ فِي الْمَتْنِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَيُسَنُّ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ تَهْيِئَةُ الطَّعَامِ سُنَّةً مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ أَطْعَمُوا الْمُعَزِّينَ أَمْ لَا فَيُسَنُّ فِعْلُهُ مِنْ الْجِيرَانِ وَالْأَقَارِبِ الْبَعِيدَةِ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ أَطْعِمُوا إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ) فِي كَرَاهَةِ صُنْعِ الطَّعَامِ لِلْحَاضِرِينَ (قَوْلُهُ يُعْمَلُ لَهُمْ مِثْلُ مَا عَمِلُوهُ إلَخْ) أَيْ يَعْمَلُ غَيْرُ أَهْلِ الْمَيِّتِ لَهُمْ مِنْ الطَّعَامِ مِثْلَ مَا عَمِلَ أَهْلُ الْمَيِّتِ لَهُ فِي مُصِيبَتِهِ عَلَى قَصْدِ أَنَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ يَعْمَلُ لَهُمْ مِثْلَهُ فِي مُصِيبَتِهِمْ فَيَكُونُ كَالدَّيْنِ عَلَيْهِ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ الْخِلَافُ الْآتِي) أَيْ فِي فَصْلِ الْإِقْرَاضِ (فِي النُّقُوطِ) مِنْ أَنَّهُ هِبَةٌ أَوْ قَرْضٌ وَالنُّقُوطُ هُوَ مَا يُجْمَعُ مِنْ الْمَتَاعِ وَغَيْرِهِ فِي الْأَفْرَاحِ لِصَاحِبِ الْفَرَحِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَمَنْ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ مِنْ نَحْوِ جِيرَانِ أَهْلِ الْمَيِّتِ وَ (قَوْلُهُ لَهُمْ) أَيْ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ مَأْخُوذُ الْجَمْعِ قَالَهُ الْكُرْدِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ الِاعْتِيَادُ السَّابِقُ مِنْ جَعْلِ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا إلَخْ فَهُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا اُعْتِيدَ الْآنَ أَنَّ أَهْلَ الْمَيِّتِ يَعْمَلُ لَهُمْ إلَخْ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الْكُرْدِيُّ فَهُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا مَرَّ بِقَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَدَعْوَى ذَلِكَ التَّضَمُّنِ مَمْنُوعَةٌ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَثِمُوا إلَخْ) أَيْ الْفَاعِلُونَ لِلطَّعَامِ لِلنَّائِحَاتِ أَوْ الْمُعَزِّينَ

(قَوْلُهُ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْفِتْنَةَ غَيْرُ السُّؤَالِ سم عِبَارَةُ الْإِيعَابِ فِي شَرْحِ وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِتْنَةِ هُنَا غَيْرُ حَقِيقَتِهَا لِاسْتِحَالَتِهَا فِيمَنْ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ بَلْ نَحْوُ التَّلَجْلُجِ فِي الْجَوَابِ أَوْ عَدَمِ الْمُبَادَرَةِ إلَيْهِ أَوْ مَجِيءِ الْمَلَكَيْنِ عَلَى صُورَةٍ غَيْرِ حَسَنَةِ الْمَنْظَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ) أَيْ الْمَأْخُوذُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ إلَخْ) .

(خَاتِمَةٌ) صَحَّ أَنَّ مَوْتَ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسَفٍ أَيْ غَضَبٍ وَرُوِيَ «أَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْ مَوْتِ الْفَجْأَةِ» وَرَوَى الْمُصَنِّفُ عَنْ أَبِي السَّكَنِ الْهَجَرِيِّ أَنَّ إبْرَاهِيمَ وَدَاوُد وَسُلَيْمَانَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَاتُوا فَجْأَةً وَيُقَالُ إنَّهُ مَوْتُ الصَّالِحِينَ وَحَمَلَ الْجُمْهُورُ الْأَوَّلَ عَلَى مَنْ لَهُ تَعَلُّقَاتٌ يَحْتَاجُ إلَى الْإِيصَاءِ وَالتَّوْبَةِ أَمَّا الْمُسْتَيْقِظُونَ الْمُسْتَعِدُّونَ فَإِنَّهُ تَخْفِيفٌ وَرِفْقٌ بِهِمْ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ أَنَّ مَوْتَ الْفَجْأَةِ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ وَأَخْذَةُ غَضَبٍ لِلْفَاجِرِ مُغْنِي وَفِي الْعُبَابِ مَا يُوَافِقُهُ.

[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

(كِتَابُ الزَّكَاةِ) (قَوْلُهُ: هِيَ لُغَةً) إلَى قَوْلِهِ وَالْأَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَالْإِصْلَاحُ (قَوْلُهُ: هِيَ لُغَةً التَّطْهِيرُ) قَالَ تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: ٩] أَيْ: طَهَّرَهَا أَيْ طَهَّرَهَا مِنْ الْأَدْنَاسِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالنَّمَاءُ) بِالْمَدِّ أَيْ: الزِّيَادَةُ يُقَالُ زَكَاة الزَّرْعُ إذَا نَمَا وَ (قَوْلُهُ: وَالْمَدْحُ) قَالَ تَعَالَى {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: ٣٢] أَيْ: لَا تَمْدَحُوهَا وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْبَرَكَةِ يُقَالُ زَكَتْ النَّفَقَةُ إذَا بُورِكَ فِيهَا وَعَلَى كَثْرَةِ الْخَيْرِ يُقَالُ فُلَانٌ زَاكٍ أَيْ: كَثِيرُ الْخَيْرِ شَيْخُنَا وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ تِلْكَ الْمَعَانِي كُلِّهَا إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَطْهُرُ الْمُخْرَجُ عَنْهُ عَنْ تَدَنُّسِهِ بِحَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَالْمُخْرِجُ عَنْ الْإِثْمِ وَيُصْلِحُهُ وَيَنْمُو الْمَالُ بِبَرَكَةِ إخْرَاجِهِ وَدُعَاءِ الْآخِذِ لَهُ وَيُمْدَحُ مُخْرِجُهُ عِنْدَ اللَّهِ حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ بِصِحَّةِ إيمَانِهِ فَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَاللُّغَوِيِّ مَوْجُودَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: نَحْوُ {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] أَيْ: وقَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] مُغْنِي (قَوْلُهُ: مُجْمَلَةٌ) أَيْ: لَا تَدُلُّ عَلَى الْقَدْرِ الْمُخْرَجِ، وَلَا الْمُخْرَجِ مِنْهُ، وَلَا الْمُخْرَجِ لَهُ وَإِنَّمَا بَيَّنَهَا السُّنَّةُ (قَوْلُهُ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهَا) أَيْ: آيَةِ الزَّكَاةِ يَعْنِي عَلَى تَرْجِيحِ أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ (قَوْلُهُ: مُشْتَقٌّ) أَيْ: كَلِمَةٌ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

عَلَيْهِ وَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ تَمَامِ الدَّفْنِ جَعَلَهَا فِي جَانِبٍ وَجَازَ دَفْنُهُ مَعَهُ اهـ

(قَوْلُهُ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْفِتْنَةَ غَيْرُ السُّؤَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(كِتَابُ الزَّكَاةِ) (قَوْلُهُ: مُشْتَقٌّ) فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ الشِّرَاءِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَعْنَى الشِّرَاءِ الشَّرْعِيِّ هُوَ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>