للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَهُودِيًّا شَرِيكَ مُسْلِمٍ زَكَاتَهُ؛ لِأَنَّ ابْنَ رَوَاحَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ضَمَّنَ يَهُودَ خَيْبَرَ زَكَاةَ الْغَانِمِينَ؛ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاؤُهُمْ فِي التَّمْرِ وَابْنُ رَوَاحَةَ مِنْ الْغَانِمِينَ فَتَضْمِينُهُ لَهُمْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُمْ مَلَكُوا ذَلِكَ بِبَدَلِهِ مِنْ التَّمْرِ الْمُسْتَقِرِّ فِي ذِمَّتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاقَاهُمْ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ، وَهُمْ لَا تَلْزَمُهُمْ زَكَاةٌ قَالَ السُّبْكِيُّ وَزَعْمُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي مُعَامَلَةِ الْكُفَّارِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا لَا يَرْتَضِيهِ ذُو لُبٍّ

(بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ)

أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَهُوَ ضِدُّ الْعَرْضِ وَالدَّيْنِ فَيَشْمَلُ غَيْرَ الْمَضْرُوبِ أَيْضًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ اخْتِصَاصَهُ بِالْمَضْرُوبِ كَذَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ النَّقْدُ الْوَازِنُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ وَضْعَهُ اللُّغَوِيَّ الْمَضْرُوبُ مِنْ الْفِضَّةِ لَا غَيْرُ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ النَّقْدُ فِي هَذَا الْبَابِ شَمِلَ الْكُلَّ اتِّفَاقًا أَوْ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ فَهُوَ مَا ذُكِرَ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ (نِصَابُ الْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَ) نِصَابُ (الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا) إجْمَاعًا تَحْدِيدًا فَلَوْ نَقَصَ فِي مِيزَانٍ وَتَمَّ فِي آخَرَ

ــ

[حاشية الشرواني]

يَهُودِيًّا إلَخْ) أَيْ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الذِّمِّيِّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ التَّضْمِينَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْقَرْضِ إيعَابٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: الْيَهُودَ (قَوْلُهُ: وَابْنُ رَوَاحَةَ مِنْ الْغَانِمِينَ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ؛ إذْ مُجَرَّدُ كَوْنِهِ سَاعِيًا كَافٍ فِي صِحَّةِ التَّضْمِينِ (قَوْلُهُ: فَتَضْمِينُهُ لَهُمْ إلَخْ) أَيْ: تَضْمِينُ ابْنِ رَوَاحَةَ لِلْيَهُودِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْيَهُودَ مَلَكُوا ذَلِكَ الرُّطَبَ بِبَدَلِهِ الثَّابِتِ فِي ذِمَّتِهِمْ، وَهُوَ التَّمْرُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) هَذَا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ إنَّهُمْ شُرَكَاؤُهُمْ فِي التَّمْرِ وَ (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وُرُودُهُ عَلَى قَوْلِهِ فَتَضْمِينُهُ إلَخْ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ إيصَالَ الْعِلَّةِ بِمَعْلُولِهَا وَالْمُؤَيِّدُ اسْمُ فَاعِلٍ بِمُؤَيَّدِهِ اسْمُ مَفْعُولٍ (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ) أَيْ: هُنَا، وَإِلَّا فَقَدْ اغْتَفَرُوا فِي مُعَامَلَةِ الْكُفَّارِ مَا لَمْ يَغْتَفِرُوهُ فِي غَيْرِهَا فِي مَوَاضِعَ سم

[بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ]

(قَوْلُهُ وَهُوَ ضِدُّ الْعَرْضِ إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ النَّقْدَ الْمُرَادَ فِي هَذَا الْبَابِ ضِدُّ مَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَالدَّيْنُ قَدْ يَكُونُ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ النَّقْدَ فِي بَابِ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَرْضًا أَوْ نَقْدًا سم (قَوْلُهُ لِمَنْ زَعَمَ إلَخْ) وَهُوَ الْإِسْنَوِيُّ مُغْنِي (قَوْلُهُ اخْتِصَاصُهُ بِالْمَضْرُوبِ) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ الْوَازِنُ) أَيْ صَاحِبُ الْوَزْنِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ صَرِيحٌ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعَ الصَّرَاحَةَ بِجَوَازِ أَنَّ لَهُ مَعْنًى آخَرَ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَصْلُ النَّقْدِ لُغَةً الْإِعْطَاءُ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَنْقُودِ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَلِلنَّقْدِ إطْلَاقَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى مَا يُقَابِلُ الْعَرْضَ وَالدَّيْنَ فَشَمِلَ الْمَضْرُوبَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي عَلَى الْمَضْرُوبِ خَاصَّةً وَالنَّاضُّ لَهُ إطْلَاقَانِ أَيْضًا كَالنَّقْدِ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر لُغَةً لِإِعْطَاءِ ظَاهِرِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمَنْقُودِ فَلْيُرَاجَعْ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَنْقُودِ لَعَلَّ الْمُرَادَ مَا يُعْطَى مِنْ خُصُوصِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا مُطْلَقُ مَا يُعْطَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلِلنَّقْدِ إطْلَاقَانِ إذْ هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذَيْنِ الْإِطْلَاقَيْنِ اهـ وَقَالَ ع ش قَوْله م ر وَلِلنَّقْدِ إطْلَاقَانِ أَيْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ وَقَوْلُهُ م ر وَالنَّاضُّ لَهُ إطْلَاقَانِ إلَخْ أَيْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَ لِلنَّقْدِ مَعْنَيَانِ عُرْفِيٌّ عَامٌّ وَلُغَوِيٌّ خَاصٌّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ شَمِلَ الْكُلَّ) يَنْبَغِي حَتَّى الدَّيْنِ مِنْ النَّقْدِ وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِذِكْرِهِ فِي بَابِ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ هُنَاكَ قَدْرَ نِصَابِهِ سم (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ بَعْضُ إلَخْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَا بُعْدَ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا شَيْءَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ إلَى قَالَ وَقَوْلُهُ أَوْ البرسباي (قَوْلُهُ الْكِتَابُ) أَيْ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: ٣٤] وَالْكَنْزُ مَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ وَالنَّقْدَانِ مِنْ أَشْرَفِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ إذْ بِهِمَا قِوَامُ الدُّنْيَا وَنِظَامُ أَحْوَالِ الْخَلْقِ؛ لِأَنَّ حَاجَاتِ النَّاسِ كَثِيرَةٌ وَكُلَّهَا تَنْقَضِي بِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَمْوَالِ فَمَنْ كَنَزَهُمَا فَقَدْ أَبْطَلَ الْحِكْمَةَ الَّتِي خُلِقَا لَهَا كَمَنْ حَبَسَ قَاضِي الْبَلَدِ وَمَنَعَهُ أَنْ يَقْضِيَ حَوَائِجَ النَّاسِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ تَحْدِيدًا) أَيْ يَقِينًا لِيُظْهِرَ قَوْلَهُ فَلَوْ نَقَصَ إلَخْ (فَرْعٌ)

ابْتَلَعَ نِصَابًا وَمَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ فَهَلْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ وَزَعَمَ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ) أَيْ: هُنَا، وَإِلَّا فَقَدْ اغْتَفَرُوا فِي مُعَامَلَةِ الْكُفَّارِ مَا لَمْ يَغْتَفِرُوهُ فِي غَيْرِهَا فِي مَوَاضِعَ

(بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ)

(قَوْلُهُ وَهُوَ ضِدُّ الْعَرْضِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ النَّقْدَ الْمُرَادَ فِي هَذَا الْبَابِ ضِدُّ مَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَالدَّيْنُ قَدْ يَكُونُ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ النَّقْدَ فِي بَابِ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَرْضًا أَوْ نَقْدًا فَلَا يَكُونُ ضِدَّ النَّقْدِ الْمُفَسَّرِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَلْيُتَأَمَّلْ (فَرْعٌ)

ابْتَلَعَ نِصَابًا وَمَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ فَهَلْ تَلْزَمُهُ زَكَاةٌ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ كَالْغَائِبِ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَا يَلْزَمُ أَدَاؤُهَا حَتَّى يَخْرُجَ فَلَوْ تَيَسَّرَ إخْرَاجُهُ بِنَحْوِ دَوَاءٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ لِأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَالْإِنْفَاقِ مِنْهُ عَلَى مُمَوِّنِهِ وَأَدَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ طُولِبَ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ فِيمَا لَوْ تَيَسَّرَ إخْرَاجُهُ بِلَا ضَرَرٍ أَنْ يَلْزَمَهُ أَدَاءُ الزَّكَاةِ فِي الْحَالِ وَلَوْ قَبْلَ إخْرَاجِهِ كَمَا فِي دَيْنِهِ الْحَالِّ عَلَى مُوسِرٍ مُقِرٍّ وَأَنْ يَلْزَمَهُ إخْرَاجُهُ كَنَفَقَةِ الْمُمَوِّنِ وَالدَّيْنِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ إخْرَاجِهِ فَهَلْ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ يَتَيَسَّرُ لَهُ إخْرَاجُهُ بِلَا ضَرَرٍ فَتَرَكَ اُسْتُحِقَّتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ فَتُخْرَجُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا يُشَقُّ جَوْفُهُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ إخْرَاجُهُ كَذَلِكَ لَمْ يَجِبْ الْإِخْرَاجُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَلْ إنْ خَرَجَ وَلَوْ بِالتَّعَدِّي بِشَقِّ جَوْفِهِ وَجَبَتْ تَزْكِيَتُهُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ وَضْعَهُ اللُّغَوِيَّ إلَخْ) قَدْ تُمْنَعُ الصَّرَاحَةُ بِجَوَازِ أَنَّ لَهُ مَعْنًى آخَرَ فِي اللُّغَةِ (قَوْلُهُ شَمِلَ الْكُلَّ) يَنْبَغِي حَتَّى الدَّيْنِ مِنْ النَّقْدِ وَلَا يُسْتَغْنَى بِذِكْرِهِ فِي بَابِ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>