للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَائِهِمَا تَعَيَّنَ الْفِضَّةُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَالْأَصْلُ فِي الضَّبَّةِ أَنَّ قَدَحَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَانَ يَشْرَبُ فِيهِ سَلْسَلَهُ أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِضَّةً لِانْصِدَاعِهِ أَيْ شَعَبَهُ بِخَيْطِ فِضَّةً لِانْشِقَاقِهِ وَهُوَ وَإِنْ اُحْتُمِلَ أَنَّ ذَلِكَ فُعِلَ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَوْفًا عَلَيْهِ دَلَالَتُهُ بَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّ إقْدَامَ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِ مَعَ مُبَالَغَتِهِمْ فِي الْبُعْدِ عَنْ تَغْيِيرِ شَيْءٍ مِنْ آثَارِهِ مُؤْذِنٌ بِأَنَّهُمْ عَلِمُوا مِنْهُ الْإِذْنَ فِي ذَلِكَ، وَنَهْيُ عَائِشَةَ عَنْ الْمُضَبَّبِ بِفَرْضِ صِحَّتِهِ مُحْتَمَلٌ، وَأَصْلُهَا مَا يُصْلَحُ بِهِ خَلَلُ الْإِنَاءِ، ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى مَا هُوَ لِلزِّينَةِ تَوَسُّعًا

(بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ) الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَالِبًا، وَهُوَ الْأَصْغَرُ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَتَعَيُّنُ مَيْتَةِ حَيَوَانٍ آخَرَ فِي الثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّعْمِيمِ وَ (قَوْلُهُ مُحْتَمَلٌ) يَظْهَرُ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ فَيُطَابِقُ مَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فِي الضَّبَّةِ) أَيْ فِي جَوَازِهَا بِشَرْطِهِ (قَوْلُهُ أَنَّ قَدَحَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) وَاشْتَرَى هَذَا الْقَدَحَ مِنْ مِيرَاثِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ بِثَمَانِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.

وَرَوَى عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ رَآهُ بِالْبَصْرَةِ، وَشَرِبَ مِنْهُ قَالَ وَهُوَ قَدَحٌ جَيِّدٌ عَرِيضٌ نُضَارُ بِضَمِّ النُّونِ وَهُوَ الْخَالِصُ مِنْ الْعُودِ وَهُوَ خَشَبٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، وَيُقَالُ أَصْلُهُ مِنْ الْأَثْلِ وَلَوْنُهُ يَمِيلُ إلَى الصُّفْرَةِ وَكَانَ مُتَطَاوِلًا طُولُهُ أَقْصَرُ مِنْ عُمْقِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ، وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ (أَيْ شَدَّهُ بِخَيْطِ فِضَّةٍ) أَنَّ الضَّبَّةَ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا كَانَتْ لِحَاجَةٍ فَهَذِهِ صُورَةُ الْإِبَاحَةِ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ وَإِنْ اُحْتُمِلَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا نُوزِعَ فِي هَذَا الدَّلِيلِ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - شَرِبَ فِي هَذَا الْقَدَحِ وَهُوَ مُسَلْسَلٌ بِالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا رُئِيَ هَذَا الْقَدَحُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ عِنْدَ أَنَسٍ بَعْدَهُ، وَأَجَابَ النِّهَايَةُ عَنْ النِّزَاعِ الْمَذْكُورِ بِمَا نَصُّهُ «قَالَ أَنَسٌ لَقَدْ سَقَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ هَذَا كَذَا وَكَذَا»

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ عَائِدَةٌ لِلْإِنَاءِ بِصِفَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا عِنْدَهُ وَاحْتِمَالُ عَوْدِهَا إلَيْهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ صِفَتِهِ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ اهـ وَزَادَ الْبُجَيْرِمِيُّ عَقِبَهُ، وَنَقَلَ ابْنُ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ لَا تُغَيِّرُنَّ شَيْئًا وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتُرَابُوا انْتَهَى اهـ.

(قَوْلُهُ مُحْتَمَلٌ) أَيْ قَابِلٌ لِلْحَمْلِ وَالتَّأْوِيلِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْكَبِيرَةِ لِزِينَةٍ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَأَصْلُهَا) أَيْ الضَّبَّةِ (مَا يُصْلَحُ بِهِ إلَخْ) مِنْ نُحَاسٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (تَتِمَّةٌ)

يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ أَوَانِي الْكُفَّارِ وَمَلْبُوسِهِمْ وَمَا يَلِي أَسَافِلَهُمْ أَيْ مِمَّا يَلِي الْجِلْدَ أَشَدُّ وَأَوَانِي مَائِهِمْ أَخَفُّ، وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي ظَهَرَ مِنْهُ عَدَمُ تَصَوُّنِهِ عَنْ النَّجَاسَاتِ، وَيُسَنُّ إذَا جَنَّ اللَّيْلُ تَغْطِيَةُ الْإِنَاءِ وَلَوْ بِعَرْضِ عُودٍ وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ الْبِئْرَ وَإِغْلَاقَ الْأَبْوَابِ وَإِيكَاءَ السِّقَاءِ مُسْمِيًا لِلَّهِ تَعَالَى فِي الثَّلَاثَةِ وَكَفُّ الصِّبْيَانِ وَالْمَاشِيَةِ أَوَّلَ سَاعَةٍ مِنْ اللَّيْلِ وَإِطْفَاءُ الْمِصْبَاحِ لِلنَّوْمِ، وَيُسَنُّ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ عَلَى كُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ كُرْدِيٌّ وَمُغْنِي وَ (قَوْلُهُ أَوَانِي الْكُفَّارِ) أَيْ وَإِنْ كَانُوا يَتَدَيَّنُونَ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ كَطَائِفَةٍ مِنْ الْمَجُوسِ يَغْتَسِلُونَ بِبَوْلِ الْبَقَرِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى (وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي إلَخْ) أَيْ كَمُدْمِنِي الْخَمْرِ وَالْقَصَّابِينَ الَّذِينَ لَا يَحْتَرِزُونَ عَنْ النَّجَاسَةِ مُغْنِي وَشَيْخُنَا.

[بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ]

قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ، وَإِنَّمَا بَوَّبَ الْمُصَنِّفُونَ فِي كُلِّ فَنٍّ مِنْ كُتُبِهِمْ أَبْوَابًا مُوَشَّحَةَ الصُّدُورِ بِالتَّرَاجِمِ؛ لِأَنَّ الْقَارِئَ إذَا خَتَمَ بَابًا مِنْ كِتَابٍ ثُمَّ أَخَذَ فِي آخَرَ كَانَ أَنْشَطَ لَهُ وَأَبْعَثَ عَلَى الدَّرْسِ وَالتَّحْصِيلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى الْكِتَابِ بِطُولِهِ وَمِثْلُهُ الْمُسَافِرُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَطَعَ مِيلًا أَوْ طَوَى فَرْسَخًا نَفَّسَ ذَلِكَ عَنْهُ وَنَشِطَ لِلْمَسِيرِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْقُرْآنُ سُوَرًا وَجَزَّأَهُ الْقُرَّاءُ عُشُورًا وَأَخْمَاسًا وَأَسْبَاعًا وَأَحْزَابًا مُغْنِي زَادِ الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ عَنْ السَّيِّدِ الصَّفَوِيِّ؛ وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ فِي وِجْدَانِ الْمَسَائِلِ وَالرُّجُوعِ لَهَا وَأَدْعَى لِحُسْنِ التَّرْتِيبِ وَالنَّظْمِ وَإِلَّا لَرُبَّمَا تُذْكَرُ مُنْتَشِرَةً فَتَعْسُرُ مُرَاجَعَتُهَا اهـ.

قَالَ شَيْخُنَا وَالْأَسْبَابُ جَمْعُ سَبَبٍ، وَهُوَ لُغَةً مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى غَيْرِهِ وَعُرْفًا مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ وَيُقَالُ إنَّهُ وَصْفٌ ظَاهِرٌ مُنْضَبِطٌ مُعَرِّفٌ لِلْحُكْمِ، وَهُوَ هُنَا نَقْضُ الْوُضُوءِ اهـ.

(قَوْلُهُ الْمُرَادُ) إلَى قَوْلِهِ وَعَبَّرَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) أَيْ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ لَا فِي نِيَّةِ النَّاوِي فَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْأَكْبَرِ مَجَازٌ؛ لِأَنَّ التَّبَادُرَ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَقِيقَةِ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْجُنُبِ فِي النِّيَّةِ إذَا قَالَ نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَكْبَرُ إذْ الْقَرِينَةُ قَائِمَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَكْرِيِّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَيْ فِي عِبَارَاتِ الْمُصَنِّفِينَ وَعَلَيْهِ فَلَا يُحْتَاجُ لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ غَالِبًا ع ش وَأَشَارَ الْبُجَيْرِمِيُّ إلَى رَفْعِ إشْكَالِهِ بِمَا نَصُّهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِغَيْرِ الْغَالِبِ مَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ الطَّهَارَةِ مِنْ قَوْلِهِ رَفْعُ حَدَثٍ إلَخْ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأَكْبَرَ وَالْأَصْغَرَ اهـ.

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

ضَبَّاتٌ لِزِينَةٍ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ لَكَبَرَتْ اُحْتُمِلَ قِيَاسُهُ عَلَى مَا مَرَّ فِيمَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ فَإِنْ قُلْنَا ثَمَّ إنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ ضَرَّ حَرُمَ هُنَا وَإِلَّا فَلَا وَاحْتُمِلَ التَّحْرِيمُ هُنَا مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ أَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ وَلَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَهُوَ الْأَقْرَبُ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَقَلَ عَنْ الرُّويَانِيِّ فِيهِ وَجْهَيْنِ ثُمَّ قَالَ نَظِيرُ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ اهـ وَقَدْ عَلِمْت الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا اهـ.

(بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>