للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ يَشْتَرِي لَهُ رَخِيصًا فَفِي إثْمِهِ تَرَدُّدٌ وَاخْتَارَ الْبُخَارِيُّ الْإِثْمَ لِحَدِيثٍ فِيهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَزْمَ بِهِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ وَلَهُ وَجْهٌ كَالْبَيْعِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشِّرَاءَ غَالِبًا بِالنَّقْدِ وَهُوَ لَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَمَالَ إلَيْهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى شِرَاءٍ بِمَتَاعٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ وَلَا بُدَّ هُنَا وَفِي جَمِيعِ الْمَنَاهِي عَلَى مَا يَأْتِي يَكُونُ عَالِمًا بِالنَّهْيِ أَيْ أَوْ مُقَصِّرًا فِي تَعَلُّمِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَجِبُ عَلَى مَنْ بَاشَرَ أَمْرًا أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِمَّا يَغْلِبُ وُقُوعُهُ.

(وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ) جَمْعُ رَاكِبٍ وَهُوَ لِلْأَغْلَبِ وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْقَادِمِ وَلَوْ وَاحِدًا مَاشِيًا لِلشِّرَاءِ مِنْهُمْ بِأَنْ يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ فَيُصَادِفَهُمْ فَيَشْتَرِيَ مِنْهُمْ أَوْ (بِأَنْ يَتَلَقَّى طَائِفَةً) وَهِيَ تَشْمَلُ الْوَاحِدَ خِلَافًا لِمَنْ غَفَلَ عَنْهُ فَأَوْرَدَهُ عَلَيْهِ نَظَرًا لِمَا يُخَصِّصُهُ لِأَنَّهُ إطْلَاقٌ لَهَا عَلَى بَعْضِ مَا صَدَقَاتِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ (يَحْمِلُونَ مَتَاعًا) وَإِنْ نَدَرَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ (إلَى الْبَلَدِ) يَعْنِي إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ الْمُلْتَقَى أَوْ إلَى غَيْرِهِ وَشَمِلَ ذَلِكَ كُلُّهُ تَعْبِيرَ غَيْرِهِ بِالشِّرَاءِ مِنْ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْإِشَارَةِ بِالْأَصْلَحِ عَلَيْهِ وَأَمَّا إرَادَةُ الْوُجُوبِ الْأَصْلَحِ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِتَأْوِيلٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَنْ يَشْتَرِي لَهُ) شَامِلٌ لِلْبَدْوِيِّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ حَاضِرٌ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رَخِيصًا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالسِّمْسَارِ اهـ وَتَعْبِيرُ الشَّارِحِ أَوْفَقُ لِقَوْلِهِمْ السَّابِقِ إنَّ الْبَلَدِيَّ مِثَالٌ (قَوْلُهُ: فَفِي إثْمِهِ تَرَدُّدٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَرَدُّدٌ فِيهِ فِي الْمَطْلَبِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ هُوَ حَرَامٌ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَزْمُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَاخْتَارَ الْبُخَارِيُّ الْمَنْعَ أَيْ التَّحْرِيمَ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ الرَّاوِي وَتَفْسِيرُهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: عِنْدَ أَبِي دَاوُد) لَيْسَ بَيَانًا لِمَأْخَذِ الْبُخَارِيِّ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى أَبِي دَاوُد بَلْ تَأْيِيدٌ وَتَقْوِيَةٌ لِمُسْتَنَدِ اخْتِيَارِهِ مِنْ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ وَجْهٌ كَالْبَيْعِ) يَعْنِي وَلِلْجَزْمِ الْمَذْكُورِ وَجْهٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَزْمَ بِالْإِثْمِ كَالْبَيْعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ بِأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا اخْتَارَهُ الْبُخَارِيُّ فَلَعَلَّهُ بَحَثَهُ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ فَإِنْ الْتَمَسَ الْقَادِمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا لَوْ الْتَمَسَ الْقَادِمُ لِلْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَبِيعَ لَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ م ر سم عَلَى مَنْهَجٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمَالَ إلَيْهِ) أَيْ الْفَرْقِ وَعَدَمِ الْإِثْمِ فِي الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: بِحَمْلِ الْأَوَّلِ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنْ يُرِيدَ الشِّرَاءَ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَيَقُولَ لَهُ أَنَا أَشْتَرِي لَك عَلَى التَّدْرِيجِ بِأَرْخَصَ اهـ سم أَقُولُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي اشْتِرَاطُ الرُّخْصِ دُونَ التَّدْرِيجِ (قَوْلُهُ: بِحَمْلِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْإِثْمُ (وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي) وَهُوَ عَدَمُ الْإِثْمِ.

[تَلَقِّي الرُّكْبَانِ فِي الْبَيْعِ]

(قَوْلُهُ: جَمْعُ رَاكِبٍ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ إذَا عَرَفُوا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ نَظَرًا إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: وَشَمِلَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَى وَأَفْهَمَ (قَوْلُهُ: لِلشِّرَاءِ مِنْهُمْ) مُتَعَلِّقٌ بِتَلَقِّي الرُّكْبَانِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَخْرُجَ إلَخْ) فِي صِدْقِ التَّلَقِّي لِلشِّرَاءِ كَمَا هُوَ مَفْهُومُ مَا قَبْلَهُ عَلَى ذَلِكَ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ هَذَا مَعْنًى اصْطِلَاحِيٌّ لِلتَّلَقِّي اهـ سم وَقَوْلُهُ: إنَّ هَذَا أَيْ التَّلَقِّي لِلشِّرَاءِ مِنْهُمْ مَعْنًى اصْطِلَاحِيٌّ أَيْ لَا شَرْعِيٌّ لِلتَّلَقِّي أَيْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِمَا لَا يُخَصِّصُهَا إلَخْ) أَيْ فَفِيهِ شَبَهُ اسْتِخْدَامٍ حَيْثُ أَرَادَ بِلَفْظِ الطَّائِفَةِ مَعْنًى هُوَ الْمَعْنَى الشَّامِلُ لِلْوَاحِدِ ثُمَّ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ الْغَيْرِ الشَّامِلِ لِلْوَاحِدِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الشِّهَابِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلُهُ: نَظَرًا لِمَا لَا يُخَصِّصُهَا إلَخْ فِيهِ مَا لَا يَخْفَى فَإِنَّ جَمْعَ ضَمِيرِ الطَّائِفَةِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْجَمَاعَةَ فَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ حُكْمِ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَلَا مَعْنَى لِلتَّخْصِيصِ إلَّا هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَوْلُهُ: نَظَرًا إلَى مَا يُخَصِّصُهَا أَيْ أَوْرَدَ الْوَاحِدَ نَظَرًا إلَى تَقْيِيدِ الطَّائِفَةِ بِيَحْمِلُونَ مُتَوَهِّمًا أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْجَمْعِ مَعَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ لَا يُخَصِّصُهَا بِالْجَمْعِ لِأَنَّهُ إلَخْ وَضَمِيرُ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى مَا اهـ وَقَضِيَّةُ هَذِهِ وَمَا مَرَّ عَنْ الرَّشِيدِيِّ أَنَّ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ لِمَا يُخَصِّصُهَا بِدُونِ لَفْظَةِ لَا.

(قَوْلُهُ: يَحْمِلُونَ) عَلَامَةُ الْجَمْعِ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ طَائِفَةٍ الْجَمْعُ لَا الْوَاحِدُ وَقَدْ يُقَالُ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى بَعْضِ مَدْلُولِ الطَّائِفَةِ هَذَا وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ بَعْضَ الْعُرْبَانِ يَقْدَمُ إلَى مِصْرَ وَيُرِيدُ شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْ الْغَلَّةِ فَيَمْنَعُهُمْ حُكَّامُ مِصْرَ مِنْ الدُّخُولِ وَالشِّرَاءِ خَوْفًا مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَارْتِفَاعِ الْأَسْعَارِ فَهَلْ يَجُوزُ الْخُرُوجُ إلَيْهِمْ وَالْبَيْعُ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَيْضًا الشِّرَاءُ مِنْ الْمَارِّينَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ قُدُومِهِمْ إلَى مِصْرَ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ سِعْرَ مِصْرَ فَتَنْتَفِي الْعِلَّةُ فِيهِمْ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْجَوَازُ فِيهِمَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهِمْ إذْ الْغَالِبُ عَلَى مَنْ يَقْدَمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ سِعْرَ الْبَلَدِ وَأَنَّ الْعَرَبَ إذَا أَرَادُوا الشِّرَاءَ يَأْخُذُونَ بِأَكْثَرَ مِنْ سِعْرِهِ فِي الْبَلَدِ لِاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ نَعَمْ إنْ مَنَعَ الْحَاكِمُ مِنْ الْبَيْعِ عَلَيْهِمْ حَرُمَ لِمُخَالَفَةِ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ التَّلَقِّي الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ: لَا يَعْرِفُونَ إلَخْ صَوَابُهُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِهِ بَعْدَ إسْقَاطِ لَفْظَةِ لَا وَقَوْلُهُ: إذْ الْغَالِبُ عَلَى مَنْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

هَلَّا قَالَ لِوُجُوبِهَا أَيْ الْإِشَارَةِ بِالْأَصْلَحِ عَلَيْهِ وَأَمَّا إرَادَةُ الْوُجُوبِ الْأَصْلَحُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِتَأْوِيلٍ (قَوْلُهُ: بِحَمْلِ الْأَوَّلِ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنْ يُرِيدَ الْقَادِمُ الشِّرَاءَ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَيَقُولُ لَهُ أَنَا أَشْتَرِي لَك عَلَى التَّدْرِيجِ بِأَرْخَصَ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَخْرُجَ إلَخْ) فِي صِدْقِ التَّلَقِّي لِلشِّرَاءِ كَمَا هُوَ مَفْهُومُ مَا قَبْلَهُ عَلَى ذَلِكَ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُدَّعَى أَنَّ هَذَا مَعْنًى اصْطِلَاحِيٌّ لِلتَّلَقِّي.

(قَوْلُهُ: نَظَرًا لِمَا لَا يُخَصِّصُهُ إلَخْ) فِيهِ مَا لَا يَخْفَى فَإِنَّ جَمْعَ ضَمِيرِ الطَّائِفَةِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْجَمَاعَةَ فَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ حُكْمِ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَلَا مَعْنَى لِلتَّخْصِيصِ إلَّا هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى غَيْرِهِ) مِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَوْ كَانُوا غَيْرَ قَاصِدِينَ مَكَانَ التَّلَقِّي فَالْأَوْفَقُ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ الْحُرْمَةُ هُنَا أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>