للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِغَيْرِ غَرَضٍ مُعْتَبَرٍ حَرَامٌ سَوَاءٌ مَالُهُ وَمَالُ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ

(وَإِنْ ضَرَّ أَحَدَهُمَا) أَيْ: الثَّمَرَ دُونَ الشَّجَرِ، أَوْ عَكْسُهُ (وَتَنَازَعَا) أَيْ: الْمُتَبَايِعَانِ فِي السَّقْيِ (فُسِخَ الْعَقْدُ) أَيْ: فَسَخَهُ الْحَاكِمُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ إلَّا بِضَرَرِ أَحَدِهِمَا، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِلْحَاكِمِ بِأَنَّ الِاخْتِلَاطَ ثَمَّ أَوْرَثَ نَقْصًا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ فَكَانَ عَيْبًا مَحْضًا بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ ذَاتَ الْمَبِيعِ سَلِيمَةٌ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ دَفْعُ التَّخَاصُمِ لَا إلَى غَايَةٍ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْحَاكِمِ فَإِنْ قُلْت يَرِدُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّ الْفَاسِحَ أَحَدَهُمَا كَالْحَاكِمِ فَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّنَازُعَ هُنَا سَبَبُهُ ضَرَرٌ مُتَيَقَّنٌ، وَهُوَ إنَّمَا يُزِيلُهُ الْحَاكِمُ وَثَمَّ سَبَبُهُ مُجَرَّدُ اخْتِلَافٍ فَمُكِّنَ كُلٌّ مِنْ الْفَسْخِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ الصَّادِقُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فَسْخَ الْكَاذِبِ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا (إلَّا أَنْ يُسَامِحَ) الْمَالِكُ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفَ (الْمُتَضَرِّرَ) فَلَا فَسْخَ، وَفِيهِ مَا مَرَّ مِنْ الْإِشْكَالِ وَالْجَوَابِ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ مَجِيءَ ذَلِكَ هُنَا لِمَا فِي هَذَا مِنْ الْإِحْسَانِ وَالْمُسَامَحَةِ، وَوَاضِحٌ أَنَّ فِي رِضَاهُمَا فِيمَا مَرَّ ذَلِكَ أَيْضًا، وَبِهِ يَتَّضِحُ مَا قَدَّمْته (وَقِيلَ) يَجُوزُ (لِطَالِبِ السَّقْيِ أَنْ يَسْقِيَ) ، وَلَا مُبَالَاةَ بِالضَّرَرِ لِدُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَيْهِ

(وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ يَمْتَصُّ رُطُوبَةَ الشَّجَرِ لَزِمَ الْبَائِعَ أَنْ يَقْطَعَ) الثَّمَرَ (أَوْ يَسْقِيَ) الشَّجَرَ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ السَّقْيُ يَضُرُّ أَحَدَهُمَا وَتَرْكُهُ يَمْنَعُ زِيَادَةَ الْآخَرِ الْعَظِيمَةَ فُسِخَ الْعَقْدُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ وَرَجَّحَهُ غَيْرُهُ

(فَصْلٌ)

فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا (يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مُطْلَقًا) أَيْ: مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ وَلَا تَبْقِيَةٍ، وَهُنَا كَشَرْطِ الْإِبْقَاءِ يَسْتَحِقُّ الْإِبْقَاءَ إلَى أَوَانِ الْجُذَاذِ لِلْعَادَةِ (وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ وَبِشَرْطِ إبْقَائِهِ)

ــ

[حاشية الشرواني]

وَأَجَابَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي بِأَنَّ الْإِفْسَادَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ

قَوْلُ الْمَتْنِ (فَسْخُ الْعَقْدِ) (فَرْعٌ) لَوْ هَجَمَ مَنْ يَنْفَعُهُ السَّقْيُ وَسَقَى قَبْلَ الْفَسْخِ إمَّا لِعَدَمِ عِلْمِ الْآخَرِ وَإِمَّا لِتَنَازُعِهِمَا وَتَوَلَّدَ مِنْهُ الضَّرَرُ فَهَلْ يَضْمَنُ أَرْشَ النَّقْصِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِحُصُولِهِ بِفِعْلٍ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ) خَالَفَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَسم فَقَالُوا وَاللَّفْظُ لِلْمُغْنِي وَالْفَاسِخُ لَهُ الْمُتَضَرِّرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ غُضُونِ كَلَامِهِمْ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخِي وَقِيلَ الْحَاكِمُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَقِيلَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَاسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخْتَصٌّ) أَيْ: دَفْعُ التَّخَاصُمِ (قَوْلُهُ: يَرِدُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى تَخْصِيصِ الْفَسْخِ هُنَا بِالْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ) أَيْ فَيَفْسَخُ الْمُتَضَرِّرُ م ر اهـ سم أَقُولُ وَالْمُنَاسِبُ فَيَفْسَحُ كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ كَالْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: مُتَيَقَّنٌ) قَدْ يَمْنَعُ التَّيَقُّنَ اهـ سم (قَوْلُهُ: مَجِيءُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا مَرَّ مِنْ الْإِشْكَالِ وَالْجَوَابِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَوَاضِحٌ إلَخْ) إنَّمَا يَتَّضِحُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى تَقْدِيرِ الْحَمْلِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمَانِعُ بَنَى كَلَامَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ) أَرَادَ بِهِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِرِضَاهُمَا وَقَوْلُهُ: (ذَلِكَ) أَيْ: الْإِحْسَانُ وَالْمُسَامَحَةُ (وَقَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ: كَمَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ مِنْ وَجْهٍ لَكِنْ يَنْفَعُ مِنْ وَجْهٍ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ حَصَلَتْ الْمُسَامَحَةُ وَقَوْلُهُ (مَا قَدَّمْته) أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُ، وَهُوَ أَوْجَهُ اهـ كُرْدِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (لِطَالِبِ السَّقْيِ) وَهُوَ الْمُشْتَرِي فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالْبَائِعُ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: بِالضَّرَرِ) أَيْ: بِضَرَرِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ إلَخْ) أَيْ: الْمُتَضَرِّرِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الضَّرَرِ أَيْ: قَبُولُهُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَلَا يُبَالِي بِضَرَرِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِهِ حِينَ أَقْدَمَ عَلَى هَذَا الْعَقْدِ فَلَا فَسْخَ عَلَى هَذَا أَيْضًا اهـ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ يَمْتَصُّ إلَخْ) أَيْ: وَالسَّقْيُ مُمْكِنٌ بِالْمَاءِ الْمُعَدِّ لَهُ فَلَوْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ تَعَيَّنَ الْقَطْعُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ السَّقْيُ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا أَفْهَمَهُ فِي النِّهَايَةِ قَالَ الرَّشِيدِيُّ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي قَوْلَهُ، وَإِنْ ضَرَّ أَحَدَهُمَا وَنَفَعَ الْآخَرَ مَا لَوْ ضَرَّ السَّقْيُ أَحَدَهُمَا وَمَنَعَ تَرْكُهُ حُصُولَ زِيَادَةٍ لِلْآخَرِ إلَخْ اهـ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ إلَّا أَنْ يُسَامِحَ وَإِدْرَاجُهُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ضَرَّ أَحَدَهُمَا إلَخْ كَمَا فَعَلَهُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: يَمْنَعُ زِيَادَةَ الْآخَرِ) أَيْ: وَتَنَازَعَا اهـ سم

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا]

أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَحُكْمِ اخْتِلَاطِ الْحَادِثِ بِالْمَوْجُودِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ) إلَى قَوْلِهِ وَبِقَوْلِهِ الثَّمَرُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: فِي الْكُلِّ فِي مَوْضِعَيْنِ، قَوْلُهُ: وَوَرَقُ التُّوتِ إلَى وَخَرَجَ (قَوْلُهُ: وَهُنَا) أَيْ: فِي الْإِطْلَاقِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي فِي هَذَا قَبِلْت بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ الصِّحَّةُ لِتَوَافُقِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعْنًى اهـ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ وَبِشَرْطِ إبْقَائِهِ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُصُولُ لِأَحَدِهِمَا أَمْ لِغَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ: لِأَحَدِهِمَا إلَخْ، وَمِنْهُ كَوْنُ الشَّجَرِ لِلْمُشْتَرِي اهـ ع ش قَالَ سم، وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ ثُمَّ إذَا صَحَّ الْبَيْعُ أَيْ: بَيْعُ الثِّمَارِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَيَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ قَبْضَهُ بِالتَّخْلِيَةِ فَيَكُونُ مُؤْنَةُ الْقَطْعِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لَهُ تَفْرِيغَ أَشْجَارِهِ اهـ وَاسْتَظْهَرَهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

مَقْبُولٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُغْتَفَرُ وَجْهُ الضَّرَرِ لِأَجْلِ وَجْهِ النَّفْعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ كَمَا لَا يَضُرُّ فَلَا لِبَقَاءِ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ غَرَضٍ مُعْتَبَرٍ حَرَامٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَأَجَابَ الشَّارِحُ يَعْنِي الْجَوْجَرِيَّ بِأَنَّ حِرْصَهُ عَلَى نَفْعِ صَاحِبِهِ وَعَلَى نَفْعِ نَفْسِهِ بِإِبْقَاءِ الْعَقْدِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ إضَاعَةَ الْمَالِ إنَّمَا تَحْرُمُ إذَا كَانَ سَبَبُهَا فِعْلًا وَمُسَامَحَتُهُ هُنَا بِالتَّرْكِ أَشْبَهُ اهـ وَقَدْ يَرِدُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ الثَّانِي أَنَّ الْإِضَاعَةَ بِالسَّقْيِ، وَهِيَ فِعْلٌ فَكَيْفَ يَجُوزُ الرِّضَا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْإِضَاعَةُ هُنَا غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ

(قَوْلُهُ: أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ) الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْفَاسِخَ الْمُتَضَرِّرُ (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ) أَيْ: فَيَفْسَخُ الْمُتَضَرِّرُ م ر (قَوْلُهُ مُتَيَقَّنٌ) قَدْ يُمْنَعُ التَّيَقُّنُ اهـ

(قَوْلُهُ: يَمْنَعُ زِيَادَةَ الْآخَرِ) أَيْ: وَتَنَازَعَا

(فَصْلٌ)

(قَوْلُهُ: بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ، وَلَوْ فِي حَبَّةٍ مِنْ بُسْتَانٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ، أَوْ وَرَقَةٍ مِنْ تُوتٍ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>