للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ (كَيْلًا) ؛ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ، وَقَدْ بِيعَ مُقَدَّرًا فَاشْتُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي مَبْحَثِ الْقَبْضِ (وَالتَّخْلِيَةِ فِي النَّخْلِ) الَّذِي عَلَيْهِ الرُّطَبُ، أَوْ الْكَرْمُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعِنَبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّخْلُ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ بَقَائِهِمَا فِيهِ حَتَّى يَمْضِيَ زَمَنُ الْوُصُولِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ إنَّمَا يَحْصُلُ حِينَئِذٍ فَإِنْ قُلْت هَذَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي الرِّبَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ قُلْت مَمْنُوعٌ بَلْ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ، وَهُوَ قَبْضُهُ الْحَقِيقِيُّ وَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِمَّا يُوهِمُ اشْتِرَاطَ حُضُورِهِمَا عِنْدَ النَّخْلِ غَيْرُ مُرَادٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الرُّخْصَةِ بَقَاءُ التَّفَكُّهِ بِأَخْذِ الرُّطَبِ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْجُذَاذِ فَلَوْ شَرَطَ فِي قَبْضِهِ كَيْلَهُ فَاتَ ذَلِكَ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ: الْبَيْعَ الْمُمَاثِلَ لِمَا ذُكِرَ (لَا يَجُوزُ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ) لِتَعَذُّرِ خَرْصِهَا بِاسْتِتَارِهَا غَالِبًا، وَبِهِ فَارَقَتْ الْعِنَبَ (وَأَنَّهُ) أَيْ: بَيْعُ الْعَرَايَا (لَا يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ) ، وَإِنْ كَانُوا هُمْ سَبَبُ الرُّخْصَةِ لِشِكَايَتِهِمْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ شَيْئًا يَشْتَرُونَ بِهِ الرُّطَبَ إلَّا التَّمْرَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَبِأَنَّ ذَلِكَ حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ، ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَالرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ وَهُمْ هُنَا مَنْ لَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ

(بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ)

ذُكِرَا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَيْعِ الْأَغْلَبِ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَكُلُّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، وَلَوْ غَيْرَ مَحْضَةٍ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كَيْفِيَّتِهِ كَذَلِكَ وَأَصْلُ الْبَابِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ «إذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ فَهُوَ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ أَوْ يَتَتَارَكَا» أَيْ: يَتْرُكُ كُلٌّ مَا يَدَّعِيهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْفَسْخِ وَأَوْ هُنَا بِمَعْنَى إلَّا وَتَقْدِيرُ لَامِ الْجَزْمِ بَعِيدٌ مِنْ السِّيَاقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَصَحَّ أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يَحْلِفَ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ إنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» وَيَأْتِي خَبَرُ «الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» الْمَأْخُوذُ مِنْهُ التَّحَالُفُ (إذَا اتَّفَقَا) أَيْ: الْعَاقِدَانِ وَلَوْ وَكِيلَيْنِ، أَوْ قِنَّيْنِ أَذِنَ لَهُمَا سَيِّدَاهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ وَلِيَّيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَيَأْتِي أَنَّ وَارِثَيْهِمَا مِثْلُهُمَا.

وَمِثْلُهُمَا أَيْضًا

ــ

[حاشية الشرواني]

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّخْلُ) أَيْ: أَوْ الْكَرْمُ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّخْلُ إلَخْ الْمُقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ حُضُورِهِمَا عِنْدَ النَّخْلِ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ فِيهِ) أَيْ: عَقْدِ الرِّبَوِيِّ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) أَيْ: التَّنَافِي (قَوْلُهُ: بَلْ هَذَا) أَيْ: التَّخْلِيَةُ مَعَ مُضِيِّ الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: حُصُولُ الْقَبْضِ بِالتَّخْلِيَةِ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ (قَوْلُهُ: كَيْلَهُ) أَيْ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى قَطْعِ الْكُلِّ (قَوْلُهُ: أَيْ الْبَيْعُ الْمُمَاثِلُ لِمَا ذُكِرَ) أَيْ: بَيْعَ الْعَرَايَا وَإِنَّمَا أَوَّلَ الضَّمِيرَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى الْعَرَايَا؛ لِأَنَّ خُصُوصَ الْعَرَايَا لَا يَجْرِي فِي غَيْرِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ إلَخْ) الْأَوْلَى وَمَعَ أَنَّ وَقَوْلُهُ: (ذَلِكَ) أَيْ: السَّبَبُ الْخَاصُّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَوْلُهُ: ثُمَّ أَيْ: بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ الْمَشْرُوعِيَّةُ بِسَبَبٍ خَاصٍّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُمْ هُنَا) أَيْ: الْفُقَرَاءُ فِي الْعَرَايَا (قَوْلُهُ مَنْ لَا نَقْدَ بِيَدِهِ) أَيْ: وَإِنْ مَلَكَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً غَيْرَهُ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الشَّيْخِ سُلْطَانِ.

[بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

أَيْ: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ مِنْ الْحَالَةِ الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا مِنْ كَوْنِهِ بِثَمَنِ قَدْرِهِ كَذَا وَصِفَتِهِ كَذَا ع ش اهـ بُجَيْرِمِيٌّ، وَفِي ع ش عَلَى م ر أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَجَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: ذُكِرَا) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ: خَصَّهُمَا الْمُصَنِّفُ بِالذِّكْرِ (قَوْلُهُ: ذُكِرَا) إلَى قَوْلِهِ وَيَأْتِي فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ يَتْرُكُ إلَى وَصَحَّ (قَوْلُهُ: فِي الْبَيْعِ) خَبَرُ إنَّ (قَوْلُهُ: الْأَغْلَبِ) نَعْتٌ لِلْبَيْعِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ أَغْلَبُ مِنْ غَيْرِهِ اهـ، وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مَحْضَةٍ) كَالصَّدَاقِ وَالْخُلْعِ وَصُلْحِ الدَّمِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: كَالِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَأَصْلُ الْبَابِ إلَخْ) أَيْ: الدَّلِيلُ عَلَى أَصْلِ الِاخْتِلَافِ، وَإِنْ كَانَ مَا أَوْرَدَهُ لَا يُثْبِتُ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّحَالُفِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى شَيْءٍ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالْفَسْخِ، وَهُوَ لَا يُوَافِقُهُ مَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ أَنَّهُ مَتَى قُلْنَا بِتَحْلِيفِ أَحَدِهِمَا قُضِيَ بِهِ عَلَى الْآخَرِ اهـ ع ش وَسَيَأْتِي عَنْهُ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ الثَّانِي مَا يُعْلَمُ مِنْهُ الْجَوَابُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ) أَيْ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَوْ هُنَا بِمَعْنَى إلَّا) أَيْ: بِمَعْنَى إلَّا أَنْ فَيَكُونُ يَتَتَارَكَا مَنْصُوبًا اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَوْ هُنَا إلَخْ) يُمْكِنُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ مَحْمَلُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «فَهُوَ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ» عَلَى مَا إذَا حَلَفَ وَنَكَلَ الْآخَرُ، أَوْ عَلَى مَا إذَا تَرَاضَيَا بِمَا قَالَهُ (وَقَوْلُهُ: فِيهِ، «أَوْ يَتَتَارَكَا» ) عَلَى مَا إذَا حَلَفَا، وَلَمْ يَرْضَيَا بِمَا يَقُولُهُ أَحَدُهُمَا اهـ سم أَيْ: فَفَسَخَا.

(قَوْلُهُ وَتَقْدِيرُ لَامِ الْجَزْمِ) أَيْ: لِيَكُونَ يَتَتَارَكَا مَجْزُومًا (قَوْلُهُ: أَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يَحْلِفَ) أَيْ: كَمَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ) أَيْ: بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَ (قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ أَخَذَ) أَيْ: بِأَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْحَلِفِ وَيَرْضَى بِمَا قَالَهُ صَاحِبُهُ وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) أَيْ: بَعْدَ الْحَلِفِ وَالْفَسْخِ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ: (بِأَنْ يَمْتَنِعَ إلَخْ) وَالْأَوْلَى بِأَنْ يَرْضَى بِمَا قَالَهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ التَّحَالُفِ قَوْلُهُ: (الْمَأْخُوذُ مِنْهُ التَّحَالُفُ) أَيْ: إذْ كُلٌّ مُدَّعًى عَلَيْهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَيْ الْعَاقِدَانِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، أَوْ الْأَجَلِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا أَيْضًا مُوَكِّلَاهُمَا (قَوْلُهُ: أَنَّ وَارِثَهُمَا مِثْلُهُمَا) أَيْ: الْعَاقِدَيْنِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ عَقَدَا وَالثَّمَرُ غَائِبٌ فَأُحْضِرَ أَوْ حَضَرَاهُ وَقَبَضَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ كَمَا لَوْ تَبَايَعَا بُرًّا بِبُرٍّ غَائِبَيْنِ وَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَذَكَرَ الْأَصْلُ مَعَ ذَلِكَ مَا لَوْ غَابَا عَنْ النَّخْلِ وَحَضَرَا عِنْدَهُ فَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ بِالتَّخْلِيَةِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْحُضُورِ كَمَا مَرَّ اهـ، قَوْلُهُ: أَوْ حَضَرَاهُ أَيْ: بِأَنْ تَمَاشَيَا مِنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ افْتِرَاقُهُمَا إلَى أَنْ وَصَلَا إلَيْهِ وَقَبَضَاهُ

(بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ)

(قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ: الْقَوْلُ مَا يَقُولُ (قَوْلُهُ: وَأَوْ هُنَا بِمَعْنَى إلَّا) يُمْكِنُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ مَحْمَلُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «فَهُوَ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ» عَلَى مَا إذَا حَلَفَ وَنَكَلَ الْآخَرُ وَعَلَى مَا إذَا تَرَاضَيَا بِمَا قَالَهُ، وَقَوْلُهُ: فِيهِ «أَوْ يَتَتَارَكَا» عَلَى مَا إذَا حَلَفَا، وَلَمْ يَرْضَيَا بِمَا يَقُولُهُ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: الْمَأْخُوذُ مِنْهُ التَّحَالُفُ) أَيْ: إذْ كُلٌّ مُدَّعًى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>